للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

................................

ــ

ومروان والقاسم بن محمد وعطاء والزهري، وعمرو بن دينار ومالك والشافعي وأحمد وأبوعبيد وأبوثور. ثم اختلفوا هل هو واجب أو مستحب أو جائز؟ فقال الشافعي: في أحد قوليه بوجوبه مستدلاً بما في حديث عتاب بن أسيد عند أبي داود والنسائي وغيرهما من أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أمر أن يخرص العنب كما يخرص النخل. إلخ. قال الأمير اليماني: قول الراوي "أمر" يفهم منه أنه أتى صلى الله عليه وسلم بصيغة تفيد الأمر والأصل فيه الوجوب. وقال الجمهور هو مستحب (وهي رواية عن الشافعي) إلا أن تعلق به حق لمحجور مثلاً أو كان شركاءه غير مؤتمنين فيجب لحفظ مال الغير. وروى عن الشافعي أيضاً أنه جائز فقط. قال العيني: وقال الشعبي والثوري وأبوحنيفة وأبويوسف ومحمد: الخرص مكروه. وقال الشعبي: الخرص بدعة. وقال الثوري: خرص الثمار لا يجوز. وقال ابن رشد قال أبوحنيفة وصاحباه: الخرص باطل وعلى رب المال أن يؤدي عشر ما تحصل بيده زاد على الخراص أو نقص منه. وقال في المسوى قالت الحنفية: الخرص ليس بشئ، وأوّلوا ما روى من ذلك بأنه كان تخويفاً للأكرة لئلا يخونوا، فأما أن يكون به حكم فلا - انتهى. قال صاحب العرف الشذي: اعتبر الخرص الحنفية أيضاً إلا أنهم لم يجعلوه حجة ملزمة وأمراً فاصلاً، فإن وقع الاختلاف بين الخارص والمالك لا يقضى عليه بقول الخارص فقط، ومن سوء بعض عبارات أصحابنا نسب إلينا عدم اعتباره مطلقاً وليس بصواب. فإن الأحاديث قد وردت به صراحة - انتهى. وقال صاحب الكوكب الدري: الخرص بالمعنى الذي بينه الترمذي جوزه الإمام أبوحنيفة في العشر والخراج - انتهى. وهذا كما ترى مخالف لما نسبه شراح الحديث وغيرهم إلى الحنفية من أنهم انكروا الخرص مطلقاً. وقالوا ببطلانه وكراهته. ووجه بعضهم هذا الاختلاف بأن محمل قول من حكى عن الحنفية بأن الخرص باطل أو ليس بشئ هو إلزام مقدار معين من العشر بذلك الخرص فإنه باطل، لأنه تخمين وليس بحجة ملزمة، ومن حكى الكراهة أراد أخذ التمر بدل الرطب بالخرص، فإنه من البيوع المنهية في الأحاديث. ومن حكى الجواز والاعتبار أراد جواز الخرص لمجرد التخمين والطمأنينة بغلبة الظن لتخويف الأكرة، ولئلا يتجاسروا على إضاعة العشر والخراج - انتهى. قلت: إعتلال الحنفية عن أحاديث الخرص بما روى من النهى عن الخرص وبأنه من المزابنة المنهي عنها وبأن جوازه منسوخ بنسخ الرباء، وبأنه كان قبل تحريم القمار، وبأنه تخمين وغرور صريح في أن مذهب الحنفية هو عدم جواز الخرص وعدم اعتباره مطلقاً، وهذا مستلزم للقول ببطلانه وإنه ليس بشئ. وأما ما نسب إليهم صاحب العرف الشذي وغيره من القول بجوازه فلا أثر له في شئ من كتب فروعهم، والظاهر إن هؤلاء لما رأو قول الكراهة والبطلان مخالفاً للسنة الثابتة الصريحة، ذهبوا إلى جوازه وإعتباره ثم نسبوه إلى الحنفية وجعلوه مذهباً لهم، فراراً من إلزام مخالفة السنة ومنابذته قلت: واستدل الجهور لمشروعية الخرص بأحاديث منها حديث عتاب وهو حديث حسن كما ستعرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>