للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إحدى السنن إنها عتقت فخيرت في زوجها،

ــ

سؤال ما الحكمة في الاقتصار على ذلك قاله الحافظ (إحدى السنن) الثلاث (إنها عتقت) بفتح العين والتاء، وفي رواية أعتقت بضم الهمزة وكسر التاء من الاعتاق وأعتقتها عائشة (فخيرت) بضم الخاء المعجمة مبنياً للمفعول (في زوجها) مغيث أي صارت مخيرة بين أن تفارق زوجها وأن تدوم وتبق تحت نكاحه. وكان عبداً يوم أعتقت فاختارت نفسها، وفي رواية للبخاري فدعاها النبي صلى الله عليه وسلم فخيرها من زوجها فاختارت نفسها، وفي رواية للدارقطني إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبريرة: اذهبي فقد عتق معك بضعك، زاد ابن سعد من طريق الشعبي مرسلاًً فأختارى. فالمرأة إذا كانت أمة وزوجها عبد فعتقت تكون مخيرة إن شاءت فسخت، وإن شاءت لا، وهذا أمر مجمع عليه. وأما إذا كانت الأمة تحت حر فعتقت ففيه خلاف بين العلماء. فقال الجمهور: لا يكون لها خيار إلا إذا كان زوجها عبداً عندما عتقت لتضررها بالمقام تحته من جهة أنها توقير به. وإن لسيده منعه عنها وإنه لا ولاية له على ولده وغير ذلك بخلاف ما إذا أعتقت تحت حر، لأن الكمال الحادث لها حاصل له فأشبه ما إذا أسلمت كتابية تحت مسلم. وذهب الحنفية إلى أن الأمة إذا أعتقت لها الخيار في نفسها سواء كانت تحت حر، أو عبد، لأن اعتبار عدد الطلاق عندهم بالنساء. فالأمة تبين بطلقتين سواء كان زوجها حراً، أو عبداً والحرة تبين بثلاث تطليقات، حراً كان زوجها أو عبداً، فبعد ما عتقت الأمة تخير في الصورتين حذراً عن ثبوت الملك الزائد عليها. وعند الجمهور الاعتبار في الطلاق بالرجال فزوجة الحر تبين عندهم بثلاث، وإن كانت أمة وزوجة العبد بإثنين، وإن كانت حرة فإذا عتقت تحت الحر لم توجد علة الفسخ وهو العار أو زيادة الملك، والأصل في ذلك قصة بريرة. واختلفت الروايات في أن زوجها حراً كان أو عبداً عندما عتقت فرجحت الحنفية رواية كونه حراً. وقالوا: لم يخيرها صلى الله عليه وسلم لكونه عبداً ولا لأنه حراً. وإنما خيرها للعتق ورجح الجمهور كونه عبداً. قال الشوكاني: قد ثبت من طريق ابن عباس (عند البخاري والترمذي) وابن عمر (عند الدارقطني والبيهقي) وصفية بنت أبي عبيد (عند النسائي والبيهقي) إنه كان عبداً ولم يرو عنهم ما يخالف ذلك، وثبت عن عائشة من طريق القاسم وعروة أنه كان عبداً، ومن طريق الأسود أنه كان حراً، ورواية اثنين أرجح من رواية واحد على فرض صحة الجميع، فكيف إذا كانت رواية الواحد (يعني رواية الأسود) معلولة بالانقطاع كما قال البخاري. وقال الحافظ: وعلى تقدير إن رواية الأسود موصولة فيرجح رواية من قال عبداً بالكثرة، وأيضاً قال المرأ أعرف بحديثه فإن القاسم ابن أخي عائشة، وعروة ابن أختها وتابعهما غيرهما، فروايتهما أولى من رواية الأسود فإنهما أقعد بعائشة واعلم بحديثها والله أعلم. ويترجح أيضاً بأن عائشة كانت تذهب إلى أن الأمة إذا عتقت تحت الحر لا خيار لها، وهذا بخلاف ما روى العراقيون عنها فكان

<<  <  ج: ص:  >  >>