للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فانطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله، فقال: إن الصدقة لا تحل لنا، وإن موالي القوم من أنفسهم)) . رواه الترمذي، وأبوداود، والنسائي.

ــ

(فانطلق) أبورافع (إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله) عن ذلك (إن الصدقة لا تحل لنا) تقدم الكلام عليه (وإن موالي القوم) أي عتقاءهم (من أنفسهم) بضم الفاء أي فحكمهم كحكمهم يعني فلا تحل لك لكونك مولانا، وفيه دليل على تحريم الصدقة على موالي بني هاشم ولو كان الأخذ على جهة العمالة. قال الحافظ في الفتح: وبه قال أحمد وأبوحنيفة وبعض المالكية كابن الماجشون وهو الصحيح عند الشافعية. وقال الجمهور: يجوز لهم لأنهم ليسوا منهم حقيقة ولذلك لم يعوضوا بخمس الخمس ومنشئو الخلاف قوله منهم أو أنفسهم، هل يتناول المساواة في حكم تحريم الصدقة أم لا، وحجة الجمهور أنه لا يتناول جميع الأحكام فلا دليل فيه على تحريم الصدقة، لكنه ورد على سبب الصدقة وقد اتفقوا على أنه لا يخرج السبب، وان اختلفوا هل يخص به أم لا-انتهى. وقال الأمير اليماني: الحديث دليل على أن حكم مولى آل محمد - صلى الله عليه وسلم - حكمهم في تحريم الصدقة. قال: وذهبت جماعة إلى عدم تحريمها عليهم لعدم المشاركة في النسب ولأنه ليس لهم في الخمس سهم. وأجيب بأن النص لا تقدم عليه هذه العلل فهي مردودة فإنها ترفع النص. قال ابن عبد البر: هذا خلاف الثابت من النص ثم هذا الحديث نص على تحريم العمالة على الموالي، وبالأولى على آل محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه أراد الرجل الذي عرض على أبي رافع أن يوليه على بعض عمله الذي ولاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فينال عمالة، لا أنه أراد أن يعطيه من أجرته جائز فإنه جائز لأبي رافع أخذه إذ هو داخل تحت الخمسة الذين تحل لهم، لأنه قد ملك ذلك الرجل أجرته فيعطيه من ملكه فهو حلال لأبي رافع فهو نظير قوله عليه السلام، ورجل تصدق عليه منها فأهدى منها -انتهى. وقال الخطابي في المعالم: (ج٢:ص٧١) أما موالي بني هاشم فانه لا حظ لهم في سهم ذي القربى فلا يجوز أن يحرموا الصدقة، ويشبه أن يكون إنما نهاه عن ذلك تنزيهاً له. وقال: مولى القوم من أنفسهم على سبيل التشبيه في الاستنان بهم، والإقتداء بسيرتهم في اجتناب مال الصدقة التي هي أوساخ الناس، ويشبه أن يكون - صلى الله عليه وسلم - قد كان يكفيه المؤنة ويزيح له العلة، إذ كان أبورافع مولى له وكان يتصرف له في الحاجة والخدمة، فقال له على هذا المعنى، إذا كنت تستغنى بما أعطيت فلا تطلب أوساخ الناس فإنك مولانا ومنا -انتهى. ولا يخفى ما فيه من التكلف ومخالفة ظاهر الحديث. والحق عندنا ما ذهب إليه أحمد وأبوحنيفة ومن وافقها والله تعالى أعلم (رواه الترمذي وأبوداود والنسائي) واللفظ للترمذي وأخرجه أحمد وابن حبان والحاكم والبيهقي وسكت عنه أبوداود والمنذري وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم. وروى البخاري من حديث أنس مرفوعاً مولى القوم من أنفسهم، وروى أحمد وابن أبي شيبة وغيرهما من حديث أم كلثوم بنت علي، قالت حدثني مولى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة ومولى القوم منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>