للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصفى منحة، والشأة الصفي منحة تغدو بإناء وتروح بآخر)) . متفق عليه.

١٩١٦- (١٤) وعن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يغرس غرساً،

ــ

بالمدح (الصفي) بفتح الصاد وكسر الفاء وتشديد التحتية أي الكريمة الغزيرة اللبن بمعنى مفعول أي مصطفاة مختارة وهي صفة ثانية للصدقة أو صفة للقحة واستعملت بغير هاء على الأشهر في الرواية، لأن الفعيل إذا كان بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث. وقال العيني: روى أيضاً الصفية بناء التأنيث (منحة) منصوب على التميز. قال ابن مالك: في التوضيح فيه وقوع التميز بعد فاعل نعم ظاهراً، وقد منعه سيبوية إلا مع إضمار الفاعل نحو بئس للظالمين بدلاً وجوزه المبرد وهو الصحيح -انتهى. وقال في المصابيح: يحتمل أن يقال إن فاعل نعم في الحديث مضمر، والمنيحة الموصوفة بما ذكر هي المخصوصة بالمدح ومنحة تمييز تأخر عن المخصوص فلا شاهد فيه على ما قال، ولا يرد على سيبوية حينئذٍ. قيل: هذا صحيح لكن يؤيد قول المبرد قول الشاعر:

تزود مثل أبيك زاداً فنعم الزاد زاد أبيك زاداً

فذلك جائز وإن كان قليلاً. والشاة الصفى صفة وموصوف عطف على ما قبله أي ونعم الصدقة الشاة الصفى (تغدو بإناء) أي من اللبن (وتروح بآخر) بالمد أي يحلب من لبنها ملء إناء وقت الغدوة وملء إناء آخر وقت الرواح وهو المساء، والجملة صفة مادحة لمنحة أو استئناف جواب عمن سأل عن سبب كونها ممدوحة. وفيه إشارة إلى أن المستعير لا يستأصل لبنها قاله الحافظ. (متفق عليه) واللفظ للبخاري في باب شرب اللبن من الأشربة، ورواه مسلم في الزكاة بلفظ: إلا رجل يمنح أهل بيت ناقة تغد ويعس وتروح بعس، إن أجرها لعظيم، وأخرجه أيضاً أحمد والبيهقي (ج٤ ص١٨٤) .

١٩١٦- قوله: (ما من مسلم) أخرج الكافر لأنه رتب على ذلك، كون ما أكل منه يكون له صدقة، والمراد بالصدقة الثواب في الآخرة، وذلك يختص بالمسلم دون الكافر، لأن القرب إنما تصح من المسلم فإن تصدق الكافر أو فعل شيئاً من وجوه البر لم يكن له أجر في الآخرة، نعم ما أكل من زرع الكافر يثاب عليه في الدنيا كما ثبت دليله. وأما من قال يخفف عنه بذلك من عذاب الآخرة فيحتاج إلى دليل. ونقل عياض الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب، لكن بعضهم أشد عذاباً من بعضهم بحسب جرائمهم. وأما حديث أبي أيوب عند أحمد مرفوعاً ما من رجل يغرس، وحديث ما من عبد فظاهرهما يتناول المسلم والكافر لكن يحمل المطلق على المقيد، والمراد بالمسلم الجنس فتدخل المرأة المسلمة (يغرس) بكسر الراء (غرساً) يقال غَرس الشجر يغرسه غَرساً وغِراسة وَغرسه أي أثبته في الأرض والغرس، بفتح المعجمة وسكون الراء

<<  <  ج: ص:  >  >>