للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم)) . متفق عليه.

ــ

في بعض مغازيه وحضرت أمه الوفاة بالمدينة فقيل لها أوصي: فقالت: فبم أووصي المال، مال سعد فتوفيت قبل أن يقدم سعد فلما قدم سعد بن عبادة ذكر ذلك له فقال سعد: يا رسول الله! هل ينفعها أن أتصدق عنها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم. فقال سعد: حائط كذا وكذا صدقة عنها لحائط سماه، وهذا نص في التكلم فيمكن أن يأول رواية الكتابة بأن المراد إنها لم تتكلم أي بالصدقة، ولو تكلمت تصدقت أي فكيف أمضى ذلك. أو يحمل على أن سعداً ما عرف بما وقع منها فإن الذي روى هذا الكلام في الموطأ هو سعيد بن عبادة. أو ولده شرحبيل مرسلاً، فعلى التقديرين لم يتحد راوي الإثبات، وراوي النفي. فيمكن الجمع بينهما بذلك - انتهى. وبسط العيني في إثبات المنافاة بين الراويتين، وبنى على ذلك إن الرجل المبهم في حديث عائشة رجل آخر غير سعد بن عبادة فلا حاجة على هذا إلى الجمع (فهل لها أجر إن تصدقت عنها) بكسر الهمزة إن على أنها شرطية. قال الزركشي: وهي الرواية الصحيحة ولا يصح قول من فتحها؛ لأنه إنما سأل عما لم يفعل، لكن قال البدر الدماميني: إن ثبتت لنا رواية بفتح الهمزة من أن أمكن تخريجها على مذهب الكوفيين في صحة مجيء إن المفتوحة الهمزة شرطية كان المكسورة ورجحه ابن هشام، والمعنى حينئذٍ صحيح بلا شك ذكره القسطلاني (قال نعم) لها أجر إن تصدقت عنها، وقد بين النسائي من وجه آخر جهة الصدقة المذكورة فأخرج من طريق سعيد بن المسيب عن سعد بن عبادة. قال: قلت يا رسول الله! إن أمي ماتت أفاتصدق عنها. قال: نعم. قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء. وقد سبق هذا الحديث في فضل الصدقة ومر قريباً إنه تصدق عنها بحائط، وطريق الجمع إنه تصدق عنها بالحائط من تلقاء نفسه، وبالماء بأمره - صلى الله عليه وسلم - بعد سؤاله عنه والله تعالى أعلم. وفي الحديث جواز الصدقة عن الميت وإن ذلك ينفعه بوصول الثواب الصدقة إليه، ولاسيما إن كان من الولد وكذا حكم الدعاء وهو مخصص لعموم قوله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [النجم:٣٩] وقد اختلف في غير الصدقة من أعمال البر هل تصل إلى الميت كالصلاة وتلاوة القرآن؟ والمختار عند الحنفية نعم قياساً على الدعاء، وعندي فيه تأمل. وفيه أنه يستحب لمن يتوفى فجأة. أن يتصدق عنه أهله وترجم البخاري على هذا الحديث باب موت الفجاءة. قيل أشار بهذا إلى أن موت الفجاءة ليس بمكروه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يظهر منه كراهة حين أخبره الرجل بانفلات نفس أمه وهو محمول على المتهيئ للموت والمتأهب والمراقب له دون غيره، وعلى ذلك يحمل خبر ابن أبي شيبة عن عائشة وابن مسعود موت الفجاءة راحة للمؤمن وأسف على الفاجر، وخبر أبي داود موت الفجاءة أخذة أسف. ولأحمد من حديث أبي هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم - مر بجدار مائل فأسرع. وقال: أكره موت الفوات. قال ابن بطال: وكان ذلك والله أعلم لما في موت الفجاءة من خوف حرمان الوصية، وترك الاستعداد للمعاد بالتوبة

<<  <  ج: ص:  >  >>