للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم

ــ

وأقرب الأقوال التي ذكرتها إلى الصواب الأول والثاني - انتهى. (يدع شهوته) أي يترك ما اشتهته نفسه من محظورات الصوم وهو تعليل لاختصاصه بعظم الجزاء. قال الطيبي: جملة مستأنفة وقعت موقع البيان لموجب الحكم المذكور (وطعامه) تخصيص بعد تعميم أو الشهوة كناية عن الجماع، والطعام عبارة عن سائر المفطرات، وفي رواية قدم الطعام على الشهوة ولابن خزيمة يدع الطعام والشراب من أجلي ويدع لذته من أجلي ويدع زوجته من أجلي وهذا صريح في أن المراد بالشهوة شهوة الجماع. وأصرح منه ما وقع عند الحافظ سموية يترك شهوته من الطعام والشراب والجماع (من أجلي) أي من جهة امتثال أمري وقصد رضائي وأجري. وفي الموطأ: إنما يذر شهوته وطعامه وشرابه من أجلي. قال الحافظ: قد يفهم من الإنيان بصيغة الحصر التنبيه على الجهة التي بها يستحق الصائم ذلك وهو الإخلاص الخاص به، حتى لو كان ترك المذكورات لغرض آخر كالتخمة لا يحصل الصائم الفضل المذكور (للصائم فرحتان) أي مرتان من الفرح عظيمان إحداهما في الدنيا والأخرى في الأخرى (فرحة عند فطره) أي إفطاره بالخروج عن عهدة المأمورة أو بوجدان التوفيق لإتمام الصوم أو بخلوص الصوم وسلامته من المفسدات والرفث واللغو، أو بما يرجوه من حصول الثواب أو بالأكل والشرب بعد الجوع والعطش. قال القرطبي: معناه يفرح بزوال جوعه وعطشه حيث أبيح له الفطر وهذا الفرح طبيعي وهو السابق للفهم. وقيل: إن فرحه بفطره إنما هو من حيث أنه تمام صومه وخاتمة عبادته وتخفيف من ربه ومعونة على مستقبل صومه. قال الحافظ: ولا مانع من الحمل على ما هو أعم مما ذكر ففرح كل أحد بحسبه لاختلاف مقامات الناس في ذلك، فمنهم من يكون فرحة مباحاً وهو الطبيعي، ومنهم من يكون مستحباً وهو من يكون سببه شيئاً مما ذكر (وفرحة عند لقاء ربه) أي بنيل الجزاء أو الفوز باللقاء. وقيل: هو السرور بقبول صومه وترتب الجزاء الوافر عليه (ولخلوف فم الصائم) بفتح لام الابتداء تأكيداً، وبضم الخاء المعجمة واللام وسكون الواو وبعدها فاء، من خلف فمه إذا تغيرت رائحة فمه يخلف خلوفاً بالضم لا غير. قال عياض: هذه الرواية الصحيحة وبعض الشيوخ يقوله بفتح الخاء. قال الخطابي: وهو خطأ وحكى الفارسي: الوجهين، وصوب الضم. وبالغ النووي في شرح المهذب. فقال لا يجوز فتح الخاء. واحتج غيره لذلك بأن المصادر التي جاءت على فعول بفتح أوله قليلة ذكرها سيبوية وغيره وليس هذا منها. واتفقوا على أن المراد به تغير رائحة فم الصائم بسبب الصيام كذا في الفتح. قال الباجي: الخلوف تغير رائحة فم الصائم وإنما يحدث من خلو المعدة بترك الأكل ولا يذهب بالسواك؛ لأنها رائحة النفس الخارج من المعدة. وإنما يذهب بالسواك

<<  <  ج: ص:  >  >>