للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية قال: ((الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) . متفق عليه.

ــ

ابن العربي عن ابن سريج إن قوله فاقدروا له خطاب لمن خصه الله تعالى بهذا العلم وإن قوله فأكملوا العدة خطاب للعامة. قال ابن العربي: فصار وجوب رمضان عنده مختلف الحال يجب على قوم بحساب الشمس والقمر وعلى آخرين بحساب العدد قال وهذا بعيد عن النبلاء وبسط الكلام في الرد على هذا القول. قال المازري: احتج من قال معناه بحساب المنجمين بقوله تعالى: {وبالنجم هم يهتدون} [النحل:١٧] والآية عند الجمهور محمولة على الاهتداء في السير في البر والبحر. قال النووي: عدم البناء على حساب المنجمين لأنه حدس وتخمين وإنما يعتبر منه ما يعرف به القبلة والوقت - انتهى. قلت: ويرد هذا القول حديث ابن عمر الآتي إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب وقوله - صلى الله عليه وسلم - بالخطاب العام صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وقوله في نفس الحديث لا تصوموا حتى تروه (وفي رواية قال الشهر تسع وعشرون ليلة) ظاهره حصر الشهر في تسع وعشرين مع أنه لا ينحصر فيه بل قد يكون ثلاثين. وأجيب بما قال الخطابي في المعالم: (ج٢ ص٩٣) يريد أن الشهر قد يكون تسعاً وعشرين وليس يريد أن كل شهر تسعة وعشرون. وإنما احتاج إلى بيان ما كان موهوماً أن يخفى عليهم لأن الشهر في العرف وغالب العادة ثلاثون، فوجب أن يكون البيان فيه مصروفاً إلى النادر دون المعروف منه - انتهى. وقال الحافظ: واللام للعهد والمراد شهر بعينه أو هو محمول على الأكثر الأغلب لقول ابن مسعود ما صمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم تسعاً وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين أخرجه أبوداود والترمذي ومثله عن عائشة عند أحمد بإسناد جيد. ويؤيد قول الخطابي قوله في حديث أم سلمة في الإيلاء إن الشهر يكون تسعة وعشرين يوماً. وقال ابن العربي: قوله الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا معناه حصره من جهة أحد طرفيه أي أنه يكون تسعة وعشرين وهو أقلة ويكون ثلاثين وهو أكثره فلا تأخذوا أنفسكم بصوم الأكثر احتياطاً ولا تقتصروا على الأقل تخفيفاً ولكن اجعلوا عبادتكم مرتبطة ابتداء وانتهاء باستهلاله - انتهى. وفيه حث على طلب الهلال ليلة الثلاثين وتنبيه على ترائية لتسع وعشرين (فلا تصوموا) أي على قصد رمضان (حتى تروه) أي هلاله (فإن غم) أي هلاله (عليكم) بغيم ونحوه (فأكملوا) أي أتموا (العدة) مفعول به أي عدة شعبان كما في حديث أبي هريرة الآتي (ثلاثين) أي يوماً وهو منصوب على الظرف. وقيل: التقدير أكملوا هذه العدة وثلاثين بدل منه بدل الكل كذا في المرقاة (متفق عليه) الرواية الأولى أخرجها الشيخان وأخرجها أيضاً أحمد (ج٢ ص٦٣) ومالك والنسائي والدارمي والبيهقي والرواية الثانية تفرد بها البخاري وأخرجها مسلم وأحمد (ج٢ ص٥، ١٣) ومالك أيضاً وأبوداود والبيهقي والدارمي. وقالوا: فإن غم عليكم فاقدروا له. ورواها الدارقطني وقال: فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين. والحديث أخرجه

<<  <  ج: ص:  >  >>