للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) رواه البخاري.

١٩٩، ٢٠٠– (٢، ٣) وعن سمرة بن جندب،

ــ

صدوركم بما تسمعونه منهم من الأعاجيب، فإن ذلك وقع لهم كثيراً. وقيل: المراد جواز التحديث عنهم بأي صيغة وقعت من انقطاع أو بلاغ، أي ليس المقصود من قوله: "لا حرج" إباحة الكذب في أخبارهم، ورفع الإثم عن نقل الكذب عنهم، بل ترخيص في الحديث عنهم على البلاغ وإن لم يتحقق ذلك بنقل الإسناد؛ لتعذره بطول المدة بخلاف الأحكام المحمدية، فإن الأصل فيها التحديث بالاتصال. (ومن كذب علي) أي نسب الكلام كاذباً إليه سواء كان عليه أو له، وهو عام في كل كذب مطلق في كل نوع منه من الأحكام وغيرها كالترغيب والترهيب، ولا مفهوم لقوله "علي"؛ لأنه لا يتصور أن يكذب له؛ لأنه - عليه السلام - نهى عن مطلق الكذب فلا حجة فيه لمن جوز وضع الأحاديث في الترغيب والترهيب. (متعمداً) نصب على الحال وليس حالاً مؤكدة؛ لأن الكذب قد يكون من غير تعمد، وفيه تنبيه علىعدم دخول النار فيه. (فليتبوأ مقعده من النار) أي فليتخذ لنفسه منزلاً في النار، يقال: تبوأ الدار إذا اتخذها مسكناً. والأمر بمعنى الخبر لما في حديث على عند مسلم: ((من يكذب علي يلج النار)) ، وعند ابن ماجه: ((الكذب علي يولج النار)) . وفي حديث ابن عمر عند أحمد: ((بنى له بيت في النار)) . وتعبيره بصيغة الأمر للإهانة، ولذا قيل: الأمر فيه للتهكم والتهديد إذ هو أبلغ في التشديد. والمعنى: هذا جزاؤه، وقد يعفى وقد يتوب. والفرق بين الكذب عليه - صلى الله عليه وسلم - والكذب على غيره أن الأول كبيرة بالاتفاق بخلاف الثاني، ولا يلزم من استواء الوعيد في حق من كذب عليه أو كذب على غيره أن يكون مقرهما واحداً، أو طول إقامتهما سواء، فقد دل هذا الحديث على طول الإقامة فيها، بل ظاهره أنه لا يخرج منها؛ لأنه لم يجعل له منزلا غيره، إلا أن الأدلة القطيعة قامت على أن خلود التأبيد مختص بالكافرين. (رواه البخاري) أي مجموع الحديث في أخبار بني إسرائيل، وكذا أخرجه أحمد، والترمذي، والنسائي، وأما قوله: ((من كذب على متعمداً)) ، الخ. فقد روي عن مائة من الصحابة على ما قال الحافظ: أنه ورد عن ثلاثين نفساً منهم بأسانيد صحاح وحسان، وعن نحو من خمسين غيرهم بأسانيد ضعيفة، وعن نحو من عشرين آخرين بأسانيد ساقطة، مع أن فيها ما هو مطلق في ذم الكذب عليه من غير تقييد بهذا الوعيد الخاص. ونقل النووي أنه جاء عن مائتين من الصحابة، ولأجل كثرة طرقه أطلق عليه أنه متواتر لفظاً ومعنى.

١٩٩، ٢٠٠- قوله: (وعن سمرة) بفتح السين المهملة وضم الميم (بن جندب) بضم الجيم والدال وبفتح، ابن هلال الفزاري، حليف الأنصار، صحابي مشهور، كان من الحفاظ المكثرين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سكن البصرة، وكان زياد يستخلفه عليها ستة أشهر وعلى الكوفة ستة أشهر، فلما مات زياد استخلفه على البصرة فأقره معاوية عليها عاماً أو نحوه، ثم عزله، وكان شديداً على الحرورية، فهم ومن قاربهم يطعنون عليه، وكان الحسن، وابن سيرين، وفضلاء أهل البصرة يثنون عليه، وقال ابن سيرين: في رسالة سمره إلى بنيه علم كثير. وقال أيضاً: كان عظيم الأمانة، صدوق الحديث، يحب الإسلام وأهله، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعرض غلمان الأنصار في كل عام، فمر به غلام فأجازه

<<  <  ج: ص:  >  >>