للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثم أتيته. فقلت: يا رسول الله! إني كنت أصلي قال: ألم يقل الله "استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم" ثم قال: ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد؟ فأخذ بيدي، فلما أردنا أن نخرج قلت: يا رسول الله! إنك قلت لأعلمنك أعظم سورة من القرآن)) .

ــ

أبوسعيد أن الخطاب في الآية لمن هو خارج عن الصلاة، وزاد في تفسير سورة الأنفال حتى صليت وكذا وقعت هذه الزيادة في المصابيح وبعض نسخ المشكاة (استجيبوا) أي أجيبوا فالسين زائدة للتأكيد (لله وللرسول إذا دعاكم) قال صاحب المدارك: المراد بالاستجابة الطاعة والامتثال وبالدعوة البعث والتحريض، ووحد الضمير ولم يثنه لأن استجابة الرسول كاستجابة الباري جل وعلا. وإنما يذكر أحدهما مع الآخر للتوكيد. وقيل: وحد الضمير لأن دعوة الله تسمع من الرسول. وقوله تعالى {لما يحيكم} [الأنفال: ٢٤] أي من علوم الديانات والشرائع، لأن العلم حياة كما أن الجهل موت، وفيه دليل على أن إجابة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فرض يعصي المرأ بتركه، وأنه حكم يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم. واختلف في أن إجابة الرسول تبطل الصلاة أم لا، فقال بعض الشافعية لا تبطلها، لأن الصلاة أيضاً إجابة. قال الطيبي والبيضاوي: ظاهر الحديث يدل على هذا. وقيل: كان دعاه لأمر لا يحتمل التأخير وللمصلي أن يقطع الصلاة بمثله- انتهى. والأظهر من الحديث إن الإجابة واجبة مطلقاً في حقه - صلى الله عليه وسلم - كما يفهم من إطلاق الآية أيضاً، ولا دلالة في الحديث على البطلان وعدمه، وسيأتي مزيد الكلام في ذلك (ألا) بالتخفيف (أعلمك) من التعليم (أعظم سورة في القرآن) أي أفضل. وقيل: أكثر أجراً ومضاعفة في الثواب بحسب انفعالات النفس وخشيتها وتدبرها. قال ابن التين: معناه إن ثوابها أعظم من غيرها. وقال الطيبي: إنما قال أعظم سورة اعتباراً بعظيم قدرها وتفردها بالخاصية التي لم يشاركها فيها غيرها من السور ولاشتمالها على فوائد ومعان كثيرة مع وجازة ألفاظها- انتهى. واستدل به على جواز تفضيل بعض القرآن على بعض وقد سبق الكلام فيه (قبل أن تخرج) بالفوقية (من المسجد) قيل لم يعلمه بها ابتداء ليكون ذلك ادعى لتفريغ ذهنه وإقباله عليها بكليته (فأخذ بيدي) بالإفراد (فلما أردنا أن نخرج) من المسجد (إنك قلت لأعلمنك أعظم سورة من القرآن) قال القسطلاني: ولأبي ذر والأصيلي في القرآن. قال القاري: سميت سورة الفاتحة أعظم، لاشتمالها على المعاني التي في القرآن من الثناء على الله بما هو أهله والتعبد بالأمر والنهي وذكر الوعد، لأن فيه ذكر رحمة الله على الوجه الأبلغ الأشمل. وذكر الوعيد لدلالة يوم الدين أي الجزاء ولإشارة المغضوب عليهم عليه، وذكر تفرده بالملك وعبادة عباده إياه واستعانتهم بولاه وسؤالهم منه، وذكر السعداء والأشقياء وغير ذلك مما اشتمل عليه جميع منازل السائرين ومقامات السالكين ولا سورة بهذه المثابة في القرآن فهي أعظم

<<  <  ج: ص:  >  >>