للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولحون أهل الكتابين، وسيجيء بعدي قوم يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)) .

ــ

بها، ووقع في مجمع الزوائد والجامع الصغير والإتقان والكنز أهل الفسق أي بالفاء ثم السين المهملة بدل العشق وهو تصحيف والصحيح أهل العشق (ولحون أهل الكتابين) أي التوراة والإنجيل وهم اليهود والنصارى وكانوا يقرؤن كتبهم نحواً من ذلك ويتكلفون لذلك ومن تشبه بقوم فهو منهم. قال في جامع الأصول (ج٣ص١٦٤) ويشبه أن يكون ما يفعله القراء في زماننا بين يدي الوعاظ وفي المجالس من اللحون الأعجمية التي يقرؤن بها نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (يرجعون) بالتشديد أي يرددون أصواتهم (بالقرآن) قال الجزري: الترجيع ترديد الحروف كقراءة النصارى (ترجيع الغناء) بالكسر والمد بمعنى النغمة أي كترجيع أهل الغناء (والنوح) بفتح النون أي وأهل النياحة. قال القاري: المراد ترديداً مخرجاً لها عن موضوعها إذ لم يتأت تلحينهم على أصول النغمات إلا بذلك. وقد عقد البخاري في صحيحه باب الترجيع، وذكر فيه حديث عبد الله بن مغفل قال رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ وهو على ناقته أو جمله وهي تسير به وهو يقرأ سورة الفتح قراءة لينة يقرأ وهو يرجع. قال الحافظ: الترجيع هو تقارب ضروب الحركات في القراءة وأصله الترديد وترجيع الصوت ترديده في الحلق، وقد فسره في حديث عبد الله بن مغفل في كتاب التوحيد بقوله أاأ بهمزة مفتوحة بعدها ألف ساكنة ثم همزة أخرى وهو محمول على إشباع المد في محله، وكان هذا الترجيع منه صلى الله عليه وسلم اختياراً لا اضطراراً لهز الناقة له فإنه لو كان لهز الناقة لما كان داخلاً تحت الاختيار فلم يكن عبد الله بن مغفل يفعله ويحكيه اختياراً ليتأسى به وهو يراه من هز الناقة له، ثم يقول كان يرجع في قراءته فنسب الترجيع إلى فعله. وقد ثبت في رواية الإسماعيلي فقال لولا أن يجتمع الناس علينا لقرأت ذلك اللحن أي النغم وفي حديث أم هانيء المروي في شمائل الترمذي وسنن النسائي وابن ماجه وابن أبي داود واللفظ له كنت أسمع صوت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ وأنا نائمة على فراشي يرجع القرآن. وقال ابن أبي جمرة: معنى الترجيع تحسين التلاوة لا ترجيع الغناء لأن القراءة بترجيع الغناء تنافي الخشوع الذي هو مقصود التلاوة (لا يجاوز) أي قراءتهم (حناجرهم) جمع حنجرة وهي الحلقوم مجرى النفس وهو كناية عن عدم القبول. قال الطيبي: التجاوز يحتمل الصعود والحدور أي لا يصعد عنها إلى السماء ولا يرفعها الله بالقبول أو لا يصل ولا ينحدر قراءتهم إلى قلوبهم ليدبروا آياته ويتفكروا فيها ويعملوا بمقتضاه (مفتونة) بالنصب على الحالية ويرفع على أنه صفة أخرى لقوم أي مبتلى بحب الدنيا وتحسين الناس لهم (قلوبهم) بالرفع على الفاعلية وعطف عليه قوله (وقلوب الذين يعجبهم شأنهم) أي يستحسنون قراءتهم ويستمعون تلاوتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>