للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر)) . رواه الترمذي.

ــ

القضاء الذي علق رده بالدعاء وجعل الدعاء سبباً لرده، فإن القضاء لا ينافي السبب والمسبب، فمن جملة القضاء أن يكون شيء سبباً لحصول شيء أو يكون سبباً لرده فالدعاء ورد البلاء به من قدر الله تعالى فقد يقضى بشي على عبده قضاء مقيداً بأن لا يدعوه، فإن دعاءه اندفع عنه فالدعاء كالترس والبلاء كالسهم (ولا يزيد في العمر) بضم الميم وتسكن (إلا البر) بكسر الباء وهو الإحسان والطاعة. والظاهر إنه يزاد حقيقة قال تعالى: {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب} [فاطر: ١١] وقال: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} [الرعد: ٣٩] والمعنى أنه لو لم يكن باراً لقصر عمره من القدر الذي كان إذا بر، والتفاوت إنما يظهر في التقدير المعلق لا فيما يعلم الله تعالى إن الأمر يصير إليه فإن ذلك لا يقبل التغيير، ولا يخفي ما بين الحصرين المستفادين من الجملتين من التناقض فيجب حمل القدر أي المقدر في الجملة الأولى على غير العمر فليتأمل ذكر في الكشاف إنه لا يطول عمر الإنسان ولا يقصر إلا في كتاب، وصورته أن يكتب في اللوح إن لم يحج فلان أو يغز فعمره أربعون سنة وإن حج وغزا فعمره ستون سنة فإذا جمع بينهما فبلغ الستين فقد عمر وإذا أفرد أحدهما فلم يتجاوز به الأربعين فقد نقص من عمره الذي هو الغاية وهو الستون، وذكر نحوه في معالم التنزيل وقيل معناه إذا بر لا يضيع عمره فكأنه زاد وقيل قدر أعمال البر سبباً لطول العمر كما قدر الدعاء سبباً لرد البلاء، فالبر على الوالدين وبقية الأرحام يزيد في العمر، إما بمعنى أنه يبارك له في عمره فييسر له في الزمن القليل من الأعمال الصالحة ما لا يتيسر لغيره من العمل الكثير فالزيادة مجازية لأنه يستحيل في الآجال الزيادة الحقيقية. قال الطيبي: اعلم أن الله تعالى إذا علم أن زيداً يموت سنة خمس مائة استحال أن يموت قبلها أو بعدها فاستحال أن تكون الآجال التي عليها علم الله تزيد أو تنقص فتعين تأويل الزيادة إنها النسبة إلى ملك الموت أو غيره ممن وكل بقبض الأرواح وأمره بالقبض بعد آجال محدودة فإنه تعالى بعد أن يأمره بذلك أو يثبت في اللوح المحفوظ ينقص منه أو يزيد على ما سبق علمه في كل شيء وهو بمعنى قوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} وعلى ما ذكر يحمل قوله عزوجل {ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده} [الأنعام: ٢] فالإشارة بالأجل الأول إلى ما في اللوح المحفوظ، وما عند ملك الموت وأعوانه، وبالأجل الثاني إلى ما في قوله تعالى: {وعنده أم الكتاب} وقوله تعالى: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} [الأعراف: ٣٤] والحاصل أن القضاء المعلق يتغير. وأما القضاء المبرم فلا يبدل ولا يغير - انتهى. (رواه الترمذي) في القدر. وقال: حديث حسن غريب. قال الشوكاني: وصححه ابن حبان ولم يصححه الترمذي لأن في إسناده أبا مودود البصري واسمه فضة بكسر أوله وتشديد المعجمة. قال أبوحاتم: ضعيف. قلت: فضة أبومودود بصري مشهور بكنيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>