للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

وقوعه من الطفل الرضيع وينبغي أن لا يختلف في صحة وقوعه ممن يصح وقوع الصلاة منه، وهو كما قال عليه الصلاة والسلام من السبع إلى العشر - انتهى. الثاني: هل ينعقد حجه أم لا؟ قال النووي: في الحديث حجة للشافعي، ومالك، وأحمد، وجماهير العلماء: أن حج الصبي منعقد صحيح يثاب عليه وإن كان لا يجزئه عن حجة الإسلام، بل يقع تطوعًا. وقال أبو حنيفة: لا يصح حجه، قال أصحابه وإنما فعلوه تمرينًا له ليعتاده فيفعله إذا بلغ. قال: وإنما خلاف أبي حنيفة في أنه هل ينعقد حجه ويجري عليه أحكام الحج ويجب فيه الفدية ودم الجبران وسائر أحكام البالغ، فأبو حنيفة يمنع ذلك كله ويقول: إنما يجنب ذلك تمرينًا على التعليم، والجمهور يقولون يجري عليه أحكام الحج في ذلك وحجه منعقد يقع نقلاً - انتهى. قلت: هكذا نقل غير واحد من شراح الحديث وأصحاب كتب الفقه الجامع مذهب الحنفية في ذلك، منهم الحافظ في الفتح، وابن قدامة في المغني (ج٣: ص٢٥٢) ، وابن رشد في البداية (ج١: ص٢٥٣) قال الحافظ: قال ابن بطال: أجمع أئمة الفتوى على سقوط الفرض عن الصبي حتى يبلغ إلا أنه إذا حج به كان له تطوعًا عند الجمهور، وقال أبو حنيفة: لا يصح إحرامه ولا يلزمه شيء من محظورات الإحرام، وإنما يحج به على جهة التدريب - انتهى. والذي يظهر من كتب الفقه الحنفي المعتبرة أن قول أبي حنيفة مثل قول الجمهور يعني أن الصبي ينعقد نقلاً، وإنما خلافه في وجوب الفدية والكفارات، ففي المبسوط: الصبي لو أحرم بنفسه وهو يعقل أو أحرم عنه أبوه صار محرمًا - انتهى. وفي العالمكيرية: لو أن الصبي حج قبل البلوغ لا يكون من حجة الإسلام ويكون تطوعًا - انتهى. وقال في الدر المختار: لو أحرم صبي عاقل أو أحرم عنه أبوه صار محرمًا وينبغي أن يجرده قبله ويلبسه إزارًا ورداءً، وقال القاري: في شرح اللباب ينعقد إحرام الصبي المميز للنفل لا للفرض ويصح أداءه بنفسه ولا يصح من غيره في الأداء ولا الإحرام بل يصحان من وليه له نيابة، وهذا كله مبني على انعقاده نفلاً. لكن في شرح المجمع: وعندنا إذا أهل الصبي أو وليه لم ينعقد فرضًا ولا نفلاً. وفي الهداية ما يدل على انعقاده نفلاً، ثم قال صاحب الهداية: واختلف المتأخرون فمنع بعضهم انعقاده أصلاً، وقيل ينعقد ويكون حج تمرين واعتياد - انتهى. ويمكن الجمع بأنه لا ينعقد انعقادًا ملزمًا وينعقد نقلاً غير ملزم لأنه غير مكلف ويتفرع عليه لو أنه لم يفعل شيًا من المأمورات أو ارتكب شيئًا من المحظورات لا يجب عليه شيء من القضاء والكفارات ويقوي ما ذكرنا في اختلاف المسائل: اختلفوا في حج الصبي، قال أبو حنيفة: لا يصح منه. قال يحيى بن محمد: معنى قول أبي حنيفة ((لا يصح منه)) على ما ذكره أصحابه: أنه لا يصح صحة يتعلق بها وجوب الكفارات، لا أنه يخرجه من ثواب الحج، وكذا يؤيد ما قلنا ما في الغاية من أن اعتكاف الصبي وصومه وحجه صحيح شرعي بلا خلاف - انتهى. ما في شرح اللباب، وقد صرح بانعقاد حجه نقلاً صاحب الهداية والغنية وابن نجيم، وابن عابدين، وغيرهم أيضًا. وقال الطحاوي: أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث، أي الحديث الذي نحن في شرحه أن

<<  <  ج: ص:  >  >>