للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: " فإن معي الهدي، فلا تحل ". قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة. قال: فحل الناس كلهم وقصروا، إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية

ــ

أنه لا يصح الإحرام معلقًا وهو أن يحرم إحرامًا كإحرام فلان، فينعقد إحرامه ويصير محرمًا بما أحرم به فلان. قال النووي: في هذا الحديث دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه أنه يصح الإحرام معلقًا بأن ينوي إحرامًا كإحرام زيد فيصير هذا المعلق كزيد، فإن كان زيد محرمًا بحج كان هذا بالحج أيضًا، وإن كان بعمرة فبعمرة، وإن كان بهما فبهما، وإن كان زيد أحرم مطلقًا صار هذا محرمًا إحرامًا مطلقًا فيصرفه إلى ما شاء من حج أو عمرة، ولا يلزمه موافقة زيد في الصرف– انتهى. ومذهب الحنفية في ذلك أن الإحرام المعلق حكمه حكم الإحرام المبهم. أي يصح عندهم ولكن لا يلزمه موافقة من أحرم على إحرامه. (قال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - (فإن معي) بسكون الياء وفتحها. قال القاري: أي إذا علقت إحرامك بإحرامي، فإني أحرمت بالعمرة ومعي (الهدي) ولا أقدر أن أخرج من العمرة بالتحلل (فلا تحل) نهي أو نفي، أي لا تحل أنت بالخروج من الإحرام كما لا أحل حتى تفرغ من العمرة والحج. وفي رواية ((فأهد وامكث حرامًا كما أنت)) . (قال) أي جابر (فكان جماعة الهدي) أي من الإبل، والهدي – بالتشديد والتخفيف – ما يهدى إلى البيت الحرام من النعم لتنحر، قاله الجزري. (الذي قدم به) أي بذلك الهدي (عليّ من اليمن) أي له - صلى الله عليه وسلم - (والذي أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم -) زاد في رواية النسائي وأبي داود وابن ماجة وابن الجارود والبيهقي ((من المدينة)) (مائة) أي من الهدي، وفي رواية الدارمي ((مائة بدنة)) (فحل الناس) أي خرج من الإحرام من لم يكن معه هدي بعد الفراغ من العمرة (كلهم) أي أكثرهم. قال النووي: فيه إطلاق اللفظ العام وإرادة الخاص لأن عائشة لم تحل ولم تكن ممن ساق الهدي، والمراد بقوله ((حل الناس كلهم)) أي معظمهم (وقصروا) قال الطيبي: وإنما قصروا مع أن الحلق أفضل لأن يبقى لهم بقية من الشعر حتى يحلق في الحج – انتهى. وليكونوا داخلين في المقصرين والمحلقين جامعين بين العمل بالرخصة والعزيمة، كذا في المرقاة. قال المحب الطبري: فيه دليل على استحباب التقصير للمتمتع وتوفير الشعر للحلق في الحج، ويشبه أن يكون ذلك عن أمره - صلى الله عليه وسلم - إذ عنه يأخذون مناسكهم وبه يقتدون، وبذلك أمرهم فقال: " خذوا عني مناسككم ". (إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -) استثناء من ضمير ((حلوا)) (ومن كان معه هدي) عطف على المستثنى (فلما كان يوم التروية) بفتح التاء وسكون الراء المهملة وكسر الواو وتخفيف الياء، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، سمي بذلك لأن الحجاج كانوا يرتوون فيه من الماء لما بعده أي يستقون ويسقون إبلهم فيه استعدادًا للوقوف يوم عرفة، إذ لم يكن في عرفات ماء جار كزماننا. وقيل: لأن قريشًا كانت تحمل الماء من مكة إلى منى للحاج تسقيهم وتطعمهم فيروون منه، وقيل لأن الإمام يروي فيه الناس من أمر المناسك، وقيل لأن إبراهيم عليه السلام

<<  <  ج: ص:  >  >>