للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(الفصل الأول)]

٢٦٥١ – (١) عن ابن عباس، قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر بذي الحليفة، ثم دعا بناقته فأشعرها

ــ

الجذع من الضان قال: وليس في عدد الهدي حد معلوم، وكان هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع مائة، وأما كيفية سوق الهدي فهو التقليد والإشعار وإذا كان الهدي من الإبل والبقر فلا خلاف أنه يقلد نعلاً أو نعلين، واختلفوا في تقليد الغنم فقال مالك وأبو حنيفة: لا تقلد الغنم، وقال الشافعي وأحمد: تقلد (إلى آخر ما قال) .

٢٦٥١ – قوله (صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر بذي الحليفة) أي ركعتين لكونه مسافرًا، واكتفى بهما عوضًا عن ركعتي الإحرام، أو صلى ركعتين أخريين سنة الإحرام، قاله القاري. وقال الأبي: صلاته الظهر بذي الحليفة لا ينافي أن يكون إحرامه أثر نافلة (ثم دعا بناقته) قيل: لعلها كانت من جملة رواحله فأضافها إليه. وقال الطيبي: أي بناقته التي أراد أن يجعلها هديًا، فاختصر الكلام. يعني فالإضافة جنسية (فأشعرها) أي طعنها، من الإشعار وهو في اللغة الإعلام، مأخوذ من الشعور وهو العلم بالشيء من شعر يشعر كنصر ينصر، قاله العيني. وقال الراغب: الشعر معروف قال تعالى {ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها} (١٦: ٨٠) الآية. ومنه استعير شعرت كذا أي علمت علمًا في الدقة كإصابة الشعر، وسمي الشاعر شاعرًا لفطنته ودقة معرفته {لا تحلوا شعائر الله} (٥: ٢) أي ما يهدى إلى بيت الله، سمي بذلك لأنها تشعر أي تعلم بأن تدمي بشعيرة أي حديدة – انتهى. وفي الشرع هو أن يشق أحد سنامي البدن ويطعن فيه حتى يسيل دمها ليعرف أنها هدي وتتميز إن خلطت وتعرف إن ضلت ويرتدع عنها السراق ويأكلها الفقراء إذا ذبحت في الطريق لخوف الهلاك. والحديث يدل على أن الإشعار سنة، وبه قال الجمهور، ومنهم الأئمة الثلاثة، وروي عن أبي حنيفة أن الإشعار بدعة مكروه لأنه مثلة وتعذيب الحيوان وهو حرام، وإنما فعله - صلى الله عليه وسلم - لأن المشركين لا يمتنعون عن تعرضه إلا بالإشعار. وقال الجمهور: القول بكراهته مخالف للأحاديث الصحيحة الواردة بالإشعار وليس هو مثلة بل هو كالفصد والحجامة والختان والكي للمصلحة، وأيضًا تعرض المشركين في ذلك الوقت بعيد لقوة الإسلام. وقد قيل إن كراهة أبي حنيفة الإشعار إنما كان من أهل زمانه فإنهم كانوا يبالغون فيه بحيث يخاف سراية الجراحة وفساد العضو، كذا في اللمعات. وقال الحافظ في شرح حديث المسور بن مخرمة في إشعار النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدي زمن الحديبية وحديث عائشة في إشعاره عند بعثه إلى مكة ما لفظ ((فيه مشروعية الإشعار وهو أن يكشط جلد البدنة حتى يسيل دم ثم يسلته فيكون ذلك علامة على كونها هديًا وقال أيضًا: وفائدته الإعلام بأنها صارت هديًا ليتبعها من يحتاج إلى ذلك، وحتى لو اختلطت بغيرها تميزت أو ضلت عرفت أو عطبت عرفها المساكين بالعلامة فأكلوها مع ما في ذلك من تعظيم شعار الشرع وحث الغير عليه. وقال الشاه ولي الله الدهلوي: السر في الإشعار التنويه بشعائر الله وأحكام

<<  <  ج: ص:  >  >>