للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

نحو ذلك، ولكنه روى عنه أحمد ما يدل على الرجوع عنه وموافقة الجمهور، ولعل مالكًا لم يبلغه ذلك. وذهب أبو حنيفة إلى جوازه إن كانوا كلهم متقربين سواء أكان هدي تطوع أم واجب وليس فيهم من يريد اللحم. وقد تقدم الكلام على مسألة الاشتراك في الهدي والإضحية في باب الإضحية. قلت: ويدل أيضًا على جواز الاشتراك في الهدي من البقر ما رواه مالك في الموطأ والبخاري من طريقه في " باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن" عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها سمعت عائشة تقول: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخمس بقين من ذي القعدة لا نرى إلا الحج – الحديث. وفيه: قالت: فدخل علينا يوم النحر بلحم بقرة فقلت: ما هذا؟ فقالوا: نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه، وللشيخين من رواية سليمان بن بلال عن يحيى بلفظ " ذبح " قال ابن بطال: أخذ بظاهره جماعة فأجازوا الاشتراك في الهدي والإضحية ولا حجة فيه، لأنه يحتمل أن يكون عن كل واحدة بقرة وأما رواية يونس عن الزهري عن عمرة عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحر عن أزواجه بقرة واحدة، فقد قال إسماعيل القاضي: تفرد يونس بذلك، وقد خالفه غيره – انتهى. قال الحافظ: رواية يونس أخرجها النسائي وأبو داود وغيرهما ويونس ثقة حافظ، وقد تابعه معمر عند النسائي أيضًا، ولفظه أصرح من لفظ يونس قال: ما ذبح عن آل محمد في حجة الوداع إلا بقرة. وروى النسائي أيضا من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمن اعتمر من نسائه في حجة الوداع بقرة بينهن. صححه الحاكم وهو شاهد قوي لرواية الزهري، وأما ما رواه عمار الدهني عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: ذبح عنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حججنا بقرة بقرة، أخرجه النسائي أيضًا، فهو شاذ مخالف لما تقدم، وقد رواه البخاري في الأضاحي ومسلم أيضًا من طريق ابن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم بلفظ " ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه البقر " ولم يذكر ما زاده عمار الدهني – انتهى. وتعقبه الزرقاني فقال: لا شذوذ فيه، فإن عمار الدهني – بضم المهملة وإسكان الهاء ونون – ثقة صدوق من رجال مسلم والأربعة، فزيادته مقبولة فإنه قد حفظ ما لم يحفظ غيره، وزيادته ليست مخالفة لغيره فإن رواية معمر " ما ذبح إلا بقرة " المراد بها جنس بقرة أي لا بعير ولا غنم، فلا تنافي الرواية الصريحة أن عن كل واحدة بقرة، فمن شرط الشذوذ أن يتعذر الجمع، وقد أمكن فلا تأييد فيها لرواية يونس التي حكم إسماعيل القاضي بشذوذها لأنه انفرد بقوله " واحدة " وإسماعيل من الحفاظ لا يجهل أن يونس ثقة حافظ وإنما حكم بشذوذ روايته ومخالفة غيره له على القاعدة أن الشاذ ما خالف الثقة فيه الملأ. وحديث أبي هريرة لا شاهد فيه فضلاً عن قوته إذ قوله "ذبح بقرة بينهن" لا صراحة فيه أنه لم يذبح سواها وإن كان ظاهره ذلك فتعارضه الرواية الصريحة في التعدد – انتهى. وفي هذا التعقب نظر لأن عمارًا ويونس اختلفا في ذلك، عمار وإن كان ثقة صدوقًا فلا يساوي يونس لأنه ثقة حافظ كما تقدم في كلام الحافظ. وقال في التقريب عن عمار

<<  <  ج: ص:  >  >>