للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

بعضه بحيث يحيط به بخياطة أو تلزيق بعضه ببعض أو غيرهما، ويستمسك عليه بنفس لبس مثله إلا المكعب – انتهى. وفي شرح الإحياء للزبيدي ((ثم إن قولهم: إن المحرم لا يلبس المخيط)) ترجمة لها جزآن لبس ومخيط، فأما اللبس فهو مرعي في وجوب الفدية على ما يعتاد في كل ملبوس إذ به يحصل الترفه والتنعم، فلو ارتدى بقميص أو قباء أو التحف فيهما أو اتزر بسراويل فلا فدية عليه (فإنه لا يعد لابسًا له في العرف) كما لو اتزر بإزار خيط عليه رقاع، وأما المخيط فخصوص الخياطة غير معتبر بل لا فرق بين المخيط والمنسوج كالدرع والمعقود كجبة اللبد والملزق بعضه ببعض قياسًا لغير المخيط على المخيط والمتخذ من القطن والجلد وغيرهما سواء – انتهى. فإن قلت: تقييد اللبس المنتهي عنه باللبس المعتاد يخالف ما سيأتي في الفصل الثالث من حديث نافع أن ابن عمر وجد القر فقال: ألق على ثوبًا يا نافع، فألقيت عليه برنسًا، فقال: تلقي على هذا؟ وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلبسه المحرم. قلت: قال ابن عبد البر:هذا من ورعه وتوقيه كره أن يلقى عليه البرنس وسائر أهل العلم إنما يكرهون الدخول فيه ولكنه رضي الله عنه استعمل العموم في اللباس لأن التغطية والامتهان قد يسمى لباسًا، ألم تسمع إلى قول أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس – انتهى. وهو يقتضي أن ابن عمر إنما فعل ذلك احتياطًا لا لاعتقاده الوجوب. وقال العراقي في شرح الترمذي: ويحتمل أن البرنس كان مفرجًا كالقباء بحيث لو قام عد لابسًا له، فإن بعض البرانس كذلك. وقد حكى الرافعي عن إمام الحرمين فيما لو ألقي على نفسه قباء أو فرجية وهو مضطجع أنه إن أخذ من بدنه ما إذا قام عد لابسه فعليه الفدية، وإن كان بحيث لو قام أو قعد لم يستمسك عليه إلا بمزيد أمر فلا – انتهى، وسيأتي مزيد الكلام في ذلك عند شرح حديث نافع المذكور. تنبيه: قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مناسك الحج ((والسنة أن يحرم في إزار ورداء سواء كانا مخيطين أو غير مخيطين باتفاق الأئمة)) قال صديقنا العلامة عبد الرحمن الافريقي رحمه الله في كتابه ((توضيح الحج والعمرة)) (ص ٤٤) : ومعنى ((مخيطين)) أن تكون في الرداء والإزار خياطة عرضًا وطولاً،وقد غلط في هذا كثير من العوام، يظنون أن المخيط الممنوع هو كل ثوب خيط سواء في صورة عضو الإنسان أم لا، بل كونه مخيطًا مطلقًا، وهذا ليس بصحيح، بل المراد بالمخيط الذي نهي عن لبسه هو ما كان على صورة عضو الإنسان كالقميص والفنيلة والجبة والصدرية والسراويل وكل ما على صفة الإنسان محيط بأعضائه لا يجوز للمحرم لبسه ولو بنسج، وأما الرداء الموصل لقصره أو لضيقة أو خيط لوجود الشق فيه فهذا جائز – انتهى. قال النووي: قال العلماء: الحكمة في تحريم اللباس المذكور في الحديث على المحرم ولباسه الإزار والرداء أن يبعد عن الترفه ويتصف بصفة الخاشع الذليل وليتذكر أنه محرم في كل وقت فيكون أقرب إلى كثرة أذكاره وأبلغ في مراقبته وصيانته لعبادته وامتناعه من ارتكاب المحظورات وليتذكر به الموت ولباس الأكفان ويتذكر البعث يوم القيامة حفاء عراة مهطعين إلى الداع، والحكمة في تحريم الطيب

<<  <  ج: ص:  >  >>