للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

شيء عليه، وحكاه النووي عن الجمهور، قال: ولا حجة في حديث ابن عمر لأنه ذكر فيه حالة وجود الإزار وذكر في حديث ابن عباس حالة العدم ولا منافاة. وقال الرازي من الحنفية: يجوز لبسه وعليه الفدية كما قال أصحابهم في الخفين، وأجاب بعض الحنفية عن هذا الحديث بأنه متروك الظاهر، ثم حكى عن القدوري أنه قال في التجريد: وافقونا على أن السراويل لو كان كبيرًا يمكن أن يتزر به من غير فتق لم يجز لبسه لأنه واجد للإزار، وكذا لو خاط إزاره سراويل قطعة واحدة لا يجوز لبسه وإن لم يجد إزارًا غيره، لأنه إزار في نفسه إذا فتقه. قال الزين العراقي في شرح الترمذي: لا يحصل الاعتراض بهاتين الصورتين لأنه واجد للإزار فيهما وقد علله القدوري بذلك، وإنما يجوز لبس السراويل عند عدم وجدان الإزار فليس الحديث إذن متروك الظاهر، كذا في شرح التقريب. وقال ابن رشد: اختلفوا في من لم يجد غير السراويل هل له لباسها؟ فقال مالك وأبو حنيفة: لا يجوز له لباس السراويل وإن لبسها افتدى، وقال الشافعي والثوري وأحمد وأبو ثور وداود: لا شيء عليه إذالم يجد إزارًا، وعمدة مذهب مالك ظاهر حديث ابن عمر المتقدم، وعمدة الطائفة الثانية حديث ابن عباس – انتهى. قال الأبي: ما في حديث ابن عباس أخذ به الشافعي ولم يأخذ به مالك لسقوطه في حديث ابن عمر. وقال في الموطأ: لم أسمع بها ولا أرى أن يلبسها المحرم، إلخ. وهذا يدل على أن هذه الزيادة لم تبلغه أو لم يبلغه أن المحرم يلبسه على حاله، أما لو فتق وجعل منه شبه إزار جاز – انتهى. قلت: ومذهب الحنفية أنه إذا لم يجد غير سروال فلبسه من غير فتق فعليه دم، وإن شقه واتزره فلا شيء عليه. قال الرازي: يجوز لبس السراويل من غير فتق عند عدم الإزار، ولا يلزم منه عدم لزوم الدم لأنه قد يجوز ارتكاب المحظور للضرورة مع وجوب الكفارة كالحلق للأذى ولبس المخيط للعذر. وقد صرح الطحاوي في الآثار بإباحة ذلك مع وجوب الكفارة. قال القاري: وليس في الحديث أنه لا يلزمه فتق السراويل حتى يصير غير مخيط كما قال به أبو حنيفة قياسًا على الخفين. وأما اعتراض الشافعية بأن في إضاعة مال فمردود بما تقدم، نعم لو فرض أنه بعد الفتق لا يستر العورة يجوز له لبسه من غير فتق بل هو متعين واجب إلا أنه يفدي. وأما قول ابن حجر: وعن أبي حنيفة ومالك امتناع لبس السراويل على هيئته مطلقًا فغير صحيح عنهما، وقال الولي العراقي: لم يأمر في الحديث بقطع السراويل عند عدم الإزار كما في الخف وبه قال أحمد وهو الأصح عند أكثر الشافعية. وقال إمام الحرمين والغزالي: لا يجوز لبس السراويل على حاله إلا إذا لم يتأت فتقه وجعله إزارًا، فإن تأتى ذلك لم يجز لبسه، وإن لبسه لزمته الفدية. وقال الخطابي: يحكى عن أبي حنيفة أنه قال يفتق السراويل ويتزر به، وقالوا: هذا كما جاء في الخف أنه يقطع. قال الخطابي: وهو الأصل في المال أن تضييعه حرام والرخصة إذا جاءت في لبس السراويل فظاهرها اللبس المعتاد، وستر العورة واجب، وإذا فتق السراويل واتزر به لم تستتر العورة، وأما الخف فإنه لا يغطي عورة وإنما

<<  <  ج: ص:  >  >>