للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه مسلم.

٤٠٢- (٩) وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: ((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله

ــ

أن تكون العمامة صغيرة رقيقة بحيث تنقع البلة منها إلى الرأس. وفيه أن الكل من قوله وفعله وتقريره حجة لنا، وفي إنشاء مثل هذه الاحتمالات في أفعاله وأحواله من غير دليل رد للسنة الصحيحة الثابتة، وأيضاً لا يتحقق وصول البلة إلى الرأس إلا إذا كانت العمامة غير ذات أكوار، وفيه إبطال لمسمى العمامة. ومنها أنه يحتمل أن ذلك كان قبل نزول المائدة. وفيه أنه لايثبت النسخ بالاحتمال حتى يعلم التاريخ، وأيضاً لا منافة بين الآية وبين أحاديث المسح حتى يحتاج إلى التوفيق، أو إدعاء النسخ. ومنها ما قال محمد بن الحسن في موطئه: بلغنا أن المسح على العمامة كان فترك. وفيه أنه لا يثبت النسخ بمجرد قول الإمام محمد، ولا بد لمن يدعى النسخ أن يأتي بالحديث الناسخ الصحيح الصريح. ومنها أن الخطاب في قوله: فامسحوا بوجوهكم وأيديكم. كالخطاب في قوله: وامسحوا برؤسكم، ولا يجوز مسح الوجه في التيمم بحائل، فكذلك الرأس. وفيه أنه قد ثبت بالأحاديث الصحيحة المسح على العمامة فقلنا به ولم يثبت مسح الوجه في التيمم بحائل، لا بحديث صحيح، ولا ضعيف، ولا بأثر صحابي، ولذلك لم يذهب إليه أحد من الأئمة، ولا حاجة إلى رد أحاديث المسح على العمامة بمثل هذا العذر الواهي. ومنها أن المراد بقوله (مسح عمامته) مسح ما تحتها، ومن قبيل إطلاق اسم الحال على المحل وفيه أن هذا مجاز خلاف الأصل فلا يحمل عليه من غير دليل. ومنها أنه يحتمل أنه مسح ناصيته وسوى عمامته بيديه فحسب الراوي تسوية العمامة عند المسح مسحاً لكونه بعيداً. وفيه أنه نسبة الخطأ إلى الصحابة من غير دليل، ويرتفع الأمان عن الأحاديث بمثل هذه الإحتمالات. ومنها أنه يحتمل أنه كان ذلك لمرض منعه كشف رأسه، فصارت العمامة كالجبيرة. وفيه أن هذا أيضاً احتمال محض فلا يلتفت إليه، لما فيه من رد السنة الصحيحة الثابتة، وبهذا علمت أن الحق ما ذهب إليه أحمد وغيره، فقد ثبت المسح على الرأس فقط. وعلى العمامة فقط، وعلى الرأس والعمامة، والكل صحيح ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موجود في كتب الأئمة الصحاح، والنبي - صلى الله عليه وسلم - مبين لأمر الله، فقصر الإجزاء على بعض ما ورد لغير موجب ليس من دأب المنصفين (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً النسائي والبيهقي وأخرجه الترمذي بلفظ: مسح على الخفين والعمامة.

٤٠٢- قوله: (يجب التيمن) أي الإبتداء باليمين، أي فيما لم يعهد فيه المقارنة من باب التشريف، بخلاف غسل الوجه، ومسح الرأس والأذنين فإن المعهود في هذه الأشياء قران اليسار باليمين (ما استطاع) ما إما موصول فهو بدل من التيمن، وإما بمعنى مادام، وبه احتراز عما لا يستطيع فيه التيمن شرعاً كالخروج من المسجد، والدخول في الخلاء، والتمخط، والاستنجاء (في شأنه) متعلق بالتيمن، أو بالمحبة، أو بهما على سبيل التنازع، والشأن الأمر والحال، والخطب (كله) تأكيد، وهو يدل على التعميم، أي استحباب التيمن في دخول الخلاء وأمثاله أيضاً، ويمكن أن يقال: حقيقة

<<  <  ج: ص:  >  >>