للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{الفصل الثاني}]

٥٦٠- (٢) عن عروة بن الزبير، عن فاطمة بنت أبي حبيش، ((أنها كانت تستحاض، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف، فإذا كان ذلك، فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر، فتوضئ وصلي، فإنما هو عرق)) رواه أبوداود، والنسائي.

ــ

٥٦٠- قوله (فإنه) أي: الحيض، أو دمه (يعرف) بصيغة المجهول من المعرفة أي: تعرفه النساء باعتبار لونه، وثخانته، ونتنه. وقيل: بكسر الراء من الأعراف أي: له عرف ورائحة (فإذا كان ذلك) بكسر الكاف، أي: فإذا كان الدم دما أسود. قال القاري: أعاده لطول الفصل كما في قوله تعالى: {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم، وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا، فلما جاءهم ما} [٨٩:٢] وقوله "فإنه دم أسود" استئناف مبين متفرع على كون الدم دم الحيض، ولا يصلح أن يكون تعليلا للجواب المذكور أو المقدر كما قرره ابن حجر، فتدبر (فأمسكي عن الصلاة) من الإمساك أي: أتركيها (فإذا كان الآخر) بفتح الخاء أي: الذي ليس بتلك الصفة بأن كان دما أحمر أو أصفر (فتوضئ) لكل صلاة مفروضة أي: بعد الاغتسال من انقطاع دم الحيض (فإنما هو) أي: الدم الذي هو على غير صفة السواد (عرق) أي: دم عرق انفجر، يقال له: العاذل. يعني دم الإستحاضة يخرج من عرق في أدنى الرحم دون قعره. والحديث فيه دليل على أنه يعتبر التمييز بصفة الدم، فإذا كان متصفا بصفة السواد فهو حيض، وإلا فهو استحاضة. وفيه دلالة على أنه فاطمة كانت مميزة، ولا مانع من اجتماع المعرفتين في حقها وحق غيرها، وقد تقدم الكلام في ذلك (رواه أبوداود) قال حدثنا محمد بن المثنى: عن محمد بن أبي عدي، عن محمد يعني ابن عمرو، قال: ثنى ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن فاطمة بنت أبي حبيش، قال: إنها كانت تستحاض- الحديث. قال أبوداود: قال ابن المثنى: ثنا به ابن عدي من كتابة هكذا، ثم ثنا به بعد حفظا، قال: حدثنا محمد بن عمرو عن الزهري عن عروة، عن عائشة قالت: إن فاطمة كانت تستحاض، فذكر معناه. قال في عون المعبود (ج١:ص١١٥) : والحاصل أن ابن عدي لما حدث ابن المثنى من كتابة حدثه من غير ذكر عائشة بين عروة وفاطمة. ولما حدثه من حفظه ذكر عائشة بين عروة وفاطمة، ولذلك قال ابن القطان: هذا الحديث منقطع. وأجاب ابن القيم بأنه ليس كذلك، فإن محمد بن أبي عدي مكانه من الحفظ والإتقان لا يجهل، وقد حفظه، وحدث به مرة عن عروة عن فاطمة، ومرة عن عائشة عن فاطمة وقد أدرك كلتيهما، وسمع منها بلا ريب، ففاطمة بنت عمه، وعائشة خالته. فالانقطاع الذي رمى به الحديث مقطوع دابره، وقد صرح بأن فاطمة حدثته- انتهى. والحديث أخرجه أيضاً ابن حبان والحاكم وصححاه، وأخرجه أيضاً الدارقطني والبيهقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>