للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٦٠- (٢) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا نودي للصلاة، أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب، أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا، اذكر كذا لما لم يذكر،

ــ

٦٦٠- قوله: (للصلاة) أي لأجل الصلاة. (أدبر الشيطان) أي عن موضع الأذان، قيل: المراد بالشيطان إبليس، ويحتمل أن المراد جنس الشيطان، وهو كل متمرد من الجن والإنس، لكن المراد هنا شيطان الجن خاصة. (له ضراط) بضم الضاد كغراب، وهو ريح من أسفل الإنسان وغيره، وهي جملة اسمية، وقعت حالاً بدون الواو لحصول الارتباط بالضمير، وفي بعض الروايات"وله ضراط" بالواو، وحقيقته ممكنة؛ لأن الشياطين أجسام يأكلون ويشربون كما ورد في الأخبار، فيصح منهم خروج الريح، فالظاهر حمله على الحقيقة، فقيل: يحصل له عند سماع الأذان شدة خوف وهيبة، ويحدث له ذلك الصوت بسببها من غير أن يتعمد ذلك. قال القاري: هذا لثقل الأذان عليه كما للحمار من ثقل الحمل عليه- انتهى. وقيل: يتعمد إخراج ذلك إما ليشتغل بسماع الصوت الذي يخرجه عن سماع الأذان، أو يصنع ذلك استخفافاً بالأذان كما يفعله السفهاء، أو ليقابل ما يناسب الصلاة من الطهارة بالحدث، وقيل الحديث محمول على التشبيه، شبه شغل الشيطان نفسه وإغفاله عن سماع الأذان بالصوت الذي يملأ السمع ويمنعه عن سماع غيره، ثم سماه ضراطاً تقبيحاً له. وقيل: هو عبارة عن شدة نفاره. (حتى لا يسمع التأذين) تعليل لإدباره. واستدل به على استحباب رفع الصوت بالأذان؛ لأن قوله "حتى لا يسمع" ظاهر في أنه يبعد إلى غاية ينتفي فيها للصوت، وقد وقع بيان الغاية في رواية لمسلم من حديث جابر فقال: "حتى يكون مكان الروحاء" وبين الروحاء والمدينة ستة وثلاثون ميلاً. (فإذا قضى) على بناء لمفعول أو الفاعل، والضمير للمنادى، أي فرغ المؤذن منه. (أقبل) الشيطان أي فوسوس كما في رواية مسلم: (حتى إذا ثوب بالصلاة) أي أقيم لها، ففي رواية لمسلم: إذا أقيمت، وفي أخرى له: إذا سمع الإقامة. (أدبر حتى) لا يسمع الإقامة. (حتى يخطر) بفتح ياء وكسر طاء، وحتى تعليلية. (بين المرء ونفسه) أي قلبه، والمعنى: حتى يوسوس بما يكون حائلاً بين الإنسان وما يقصده، ويريد إقبال نفسه عليه مما يتعلق بالصلاة من خشوع وغيره، وأكثر الرواة على ضم الطاء أي يسلك ويمر، ويدخل بين الإنسان ونفسه، فيكون حائلاً بينهما على المعنى الذي ذكرنا أولاً، وهذا لا ينافي إسناد الحيلولة إلى الله تعالى في قوله. {إن الله يحول بين المرء وقلبه} [٨: ٢٤] ؛ لأن إسناده إليه تعالى حقيقي، وهذا باعتبار أن الله تعالى مكنه منها حتى يتم ابتلاء العبد به. (يقول) أي للمصلي، وهو بالرفع استئناف مبين، وقيل: بالنصب على أنه يدل من يخطر. (أذكر كذا، أذكر كذا) كناية عن أشياء لم تتعلق بالصلاة. (لما لم يذكر) أي لشيء لم يكن على ذكره قبل دخوله

<<  <  ج: ص:  >  >>