للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه،

ــ

تأثير الحرارة. (إمام عادل) أي أحدهم إمام عادل، والمراد به صاحب الولاية العظمى، ويلتحق به كل من ولي شيئاً من أمور المسلمين، فعدل فيه لحديث: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن الذي يعدلون في حكمهم وأهلهم وما ولوا" رواه مسلم. وأحسن ما فسر به العادل أنه الذي يتبع أمر الله بوضع كل شيء في موضعه من غير إفراط ولا تفريط. وقدمه في الذكر على تاليه لكثرة مصالحه وعموم نفعه. (وشاب) خص الشاب؛ لأن العبادة في الشباب أشق لكثرة الدواعي وغلبة الشهوات وقوة البواعث على إتباع الهوى، فملازمة العبادة مع ذلك أشد وأدل على غلبة التقوى. وفي الحديث: "يعجب ربك من شاب ليست له صبوة". (نشأ) أي نما وتربى وشب. (في عبادة الله) أي حتى توفي على ذلك كما في رواية الجوزقي. وفي حديث سلمان: "أفنى شبابه ونشاطه في عبادة الله". (معلق) بفتح اللام. (بالمسجد) قال القاري: وفي نسخة يعني من المشكاة "في المسجد". قال الحافظ: قوله "معلق في المساجد" هكذا في الصحيحين، وظاهره أنه من التعليق كأنه شبهه بالشيء المعلق في المسجد كالقنديل مثلاً إشارة إلى طول الملازمة بقلبه، وإن كان جسده خارجاً عنه، ويحتمل أن يكون من العلاقة، وهي شدة الحب، ويدل عليه رواية أحمد: معلق بالمساجد. وكذا رواية سلمان: من حبها. قال النووي: معناه شديد الحب لها والملازمة فيها، وليس معناه دوام القعود فيها، يعني أنه كنى به عن انتظاره أوقات الصلاة، فلا يصلي صلاة في المسجد ويخرج منه إلا وهو ينتظر الأخرى ليصليها فيه، يعني أنه كنى به عن انتظاره أوقات الصلاة، فلا يصلي صلاة في المسجد ويخرج منه إلا وهو ينتظر الأخرى ليصليها فيه، فهو ملازم للمسجد بقلبه وإن عرض لجسده عارض، وهذه الخصلة هي المقصودة من هذا الحديث للباب. (ورجلان) مثلاً. (تحابا) بتشديد الباء وأصله تحابيا من التفاعل، أي اشتركا في جنس المحبة وأحب كل منهما الآخر حقيقة لا إظهاراً فقط. (في الله) أي في طلب رضاه أو لأجله لا لغرض دنياوي. (اجتمعا عليه) أي على الحب في الله إن اجتمعا. (وتفرقا عليه) أي على الحب إن تفرقا، يعني يحفظان الحب في الحضور والغيبة. وقال الحافظ: والمراد أنهما داما على المحبة الدينية ولم يقطعاها بعارض دنيوي سواء اجتمعا حقيقة أم لا. حتى فرق بينهما الموت. وذكر المتحابين لا يصير العدد ثمانية؛ لأن معناه: رجل يحب غيره في الله والمحبة أمر نسبي فلا بد لها من المنتسبين، فلذلك قال: رجلان، أو المراد عد الخصال لا عد المتصفين بها. (ورجل ذكر الله) بلسانه أو بقلبه. (خالياً) من الخلو، أي من الناس؛ لأنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد من الرياء، أو المراد خالياً من الالتفات إلى غير الله تعالى ولو كان في ملأ، ويؤيده رواية البيهقي: ذكر الله بين يديه، ويؤيد الأول ما وقع في رواية للبخاري وغيره: ذكر الله في خلاء، أي في موضع خال من الناس. (ففاضت عيناه) من الدمع لرقة قلبه، وشدة خوفه من جلاله، أو مزيد شوقه إلى جماله. والفيض انصباب عن امتلاء فوضع موضع الامتلاء للمبالغة، أو المعنى: فاضت أي سالت

<<  <  ج: ص:  >  >>