للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه البخاري.

٧٧٧- (١٨) وعن أبي بن كعب، قال: ((الصلاة في الثوب الواحد سنة. كنا نفعله مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يعاب علينا. فقال ابن مسعود: إنما كان ذاك إذا كان في الثياب قلة؛ فأما إذا وسع الله، فالصلاة في الثوبين أزكى)) رواه أحمد.

ــ

يفيد النهى، وغرضه أن الفعل كان مقررا (على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وحينئذٍ فلا ينكر. والمعنى: كان أكثرنا في عهده - صلى الله عليه وسلم - لا يملك إلا الثوب الواحد، ومع ذلك فلم يكلف تحصيل ثوب ثان ليصلي فيه، فدل على الجواز. والحديث فيه دليل على جواز الصلاة في الثوب الواحد لمن يقدر على أكثر منه، وهو قول عامة الفقهاء. وروى عن ابن عمر خلاف ذلك، وكذا عن ابن مسعود، فروى ابن أبي شيبة عنه "لا يصلين في ثوب وإن كان أوسع مما بين السماء والأرض" قال في الفائق: أجمعوا على أن الصلاة في ثوبين أفضل، فلو أوجبناه لعجز من لا يقدر عليهما، وفي ذلك حرج. وأما صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في ثوب واحد، ففي وقت كان لعدم ثوب آخر، وفي وقت كان مع وجوده لبيان الجواز، نقله الطيبي. وأخرج البخاري من طريق سعيد بن المسبب، عن أبي هريرة أن سائلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في ثوب واحد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أو لكلكم ثوبان؟ قال الخطابي: لفظه إستخبار ومعناه الإخبار عما هم عليه من قلة الثياب، ووقع في ضمنه الفتوى من طريق الفحوى. كأنه يقول: إذا علمتم أن ستر العورة فرض، والصلاة لازمة، وليس لكل أحد منكم ثوبان فيكف لم تعلموا أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة؟ أي: مع مراعاة ستر العورة به (رواه البخاري) قال العيني: هذا الطريق انفرد به البخاري.

٧٧٧- قوله: (سنة) أي: جائز بالسنة وإن كانت في الثوبين أفضل، كما يأتي عن ابن مسعود، فلا تنافي بينهما، قاله القاري (كنا نفعله) أي: ما ذكر من الصلاة في الثوب الواحد (مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: مع فعله، أو حال كوننا معه. ويؤيد الثاني قوله (ولا يعاب علينا) أي: وما نهانا. فيكون تقريرا نبويا، فثبت جوازه بالسنة، إذ عدم الإنكار دليل الجواز لا دليل الندب (إنما كان ذاك) أي: المذكور من الصلاة في الثواب الواحد من غير كراهة (إذا كان) وفي المسند "إذ كان" (في الثياب قلة) أي: في وقت كون الثياب قليلة (فأما إذا) وفي المسند "إذ" (وسع الله) بتكثير الثياب، شرطية جزاؤها (فالصلاة في الثوبين) أي: الإزار والرداء، أو القميص والإزار (أزكى) أي: أولى. وقال الطيبي: أي: أطهر، أو أفضل، لأن الزكاة النمو الحاصل عن بركة الله تعالى، أو طهارة النفس عن الخصال الذميمة، وكلا المعنيين محتمل في الحديث، وقيل: أزكى بمعنى أنمى، أي: أكثر ثوابا، أو بمعنى أطهر، لأنه أبعد من الخصلة الذميمة التي هي أداء الصلاة على وجه الكراهة (رواه أحمد) فيه نظر لأنه لم يروه أحمد، بل هو مما رواه ابنه عبد الله زائدا على أبيه

<<  <  ج: ص:  >  >>