للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه البخاري.

٧٩٨- (٤) وعن ابن عمر: ((أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع

ــ

ففيه أن إطلاقه وإن كان يدل على ما قال، لكن حمله على التشهد الأول متعين جمعاً بين الأحاديث. على أن حديث أبي حميد نص صريح في ثبوت التورك في التشهد الأخير، وحديث عائشة ليست بنص في نفيه بل غاية ما يقال فيه: أنه يدل بظاهره على نفي التورك. وقد تقرر في مقره أن النص يقدم على الظاهر عند التعارض. واستدلوا أيضاً بأحاديث ذكرها الشيخ عبد الحي اللكنوي الحنفي في تعليقه على موطأ الإمام محمد. وقال بعد ذكرها: لا يخفى على الفطن أن هذه الأخبار وأمثالها لا تدل على مذهبنا صريحاً، بل تحتمله وغيره. وما كان منها دالاً صريحاً لا يدل على كونه في جميع القعدات على ما هو المدعى. والإنصاف أنه لم يوجد حديث يدل صريحاً على استنان الجلوس على الرجل اليسرى في القعدة الأخيرة. وحديث أبي حميد مفصل فليحمل لمبهم على المفصل- انتهى. واستدل لما ذهب إليه مالك بما رواه هو في موطأه عن يحيى بن سعيد، أن القاسم بن محمد أراهم الجلوس في التشهد، فنصب رجله اليمنى وثنى رجله اليسرى، وجلس على وركه الأيسر، ولم يجلس على قدمه، ثم قال: أراني هذا عبيد الله بن عبد الله بن عمر، وحدثني أن أباه كان يفعل ذلك. والجواب أن هذا معارض بما رواه النسائي من طريق عمرو بن الحارث، عن يحيى بن سعيد، أن القاسم حدثه عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: "من سنة الصلاة أن ينصب اليمنى، ويجلس على اليسرى"، فيحمل ما رواه مالك على التشهد الأخير، وما رواه النسائي على التشهد الأول دفعاً للتعارض بين قول ابن عمر وفعله. والتربع غير التورك، وكان ابن عمر يتربع في بعض الأحيان للعذر، وكان ينكر على ابنه عبد الله التربع؛ لأنه لم يكن معذوراً، ولم يثبت عن ابن عمر إنكار التورك أبداً. والحاصل أنه ليس نص صريح فيما ذهب إليه أبوحنيفة ومالك، فالقول الراجح هو ما ذهب إليه الشافعي. واعلم أنه أجاب الحنفية عن حديث أبي حميد بأنه ضعفه الطحاوي، أو يحمل على الكبر. وقد رده الحافظ في الدراية، قال: أما تضعيف الطحاوي فمذكور في شرحه بما لا يلتفت إليه، وأما الحمل فلا يصح، لأن أبا حميد وصف صلاته التي واظب عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووافقه عشرة من الصحابة، ولم يخصوا ذلك بحال الكبر، والعبرة بعموم اللفظ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتموني أصلي" انتهى. وقال الشيخ عبد الحي في التعليق الممجد: حمل أصحابنا هذا على العذر، وعلى بيان الجواز، وهو حمل يحتاج إلى دليل. ومال الطحاوي إلى تضعيفه، وتعقبه البيهقي وغيره في ذلك بما لا مزيد عليه- انتهى. (رواه البخاري) وأخرجه أحمد والترمذي وأبوداود وابن ماجه بلفظ أبسط من هذا كما سيأتي.

٧٩٩- قوله: (كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع

<<  <  ج: ص:  >  >>