للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[موطن صاحب البسيط وعصره:]

عرفنا أن صاحب البسيط هو محمد بن عليّ الإشبيلي، المعروف بابن العلْج. ويفهم من ذلك أن موطنه الأصلى مدينة إشبيلية في الأندلس، وأنه ولد ونشأ بها، وتلقى فيها العلم على علماء عصره..

وقد وصف ياقوت مدينة إشبيلية بأنها مدينة كبيرة عظيمة، تقع غربي قرطبة، بينهما ثلاثون فرسخاً، يطلّ عليها جبل الشرف، وهو جبل كثير الشجر والزيتون وسائر الفواكه.. وهي على شاطىء نهر عظيم، قريب في العظم من دجلة أو النيل، تسير فيه المراكب المثقلة، يقال له وادي الكبير، وينسب إليها خلق كثير من أهل العلم١.

وقد سقطت مدينة إشبيلية بيد النصارى عام ٦٤٦ هـ بعد أعمال حربية لعدة سنوات، وحصار طويل، استمر نحو سنة ونصف، فاضطرت المدينة إلى التسليم بالشروط ورحيل المسلمين عنها، فغادرها من أهلها ما يقدّر بأربعمائة ألف، قصدوا مدن الأندلس الأخرى والمغرب..٢.

هذا عن موطنه الأصلي، ولكن ما العصر الذي عاش فيه صاحب البسيط؟ لم أجد إشارة ممنّ كتب عن صاحب البسيط تذكر سنة ولادته أو وفاته، إلا خبراً مهمّا ينصّ على أن صاحب البسيط كان من تلاميذ الأستاذ أبي عليّ الشلوبين (المتوفى سنة ٦٤٥ هـ) . قال ابن مكتوم٣ (المتوفى سنة ٧٤٩ هـ) : "وقد تخرج بالأستاذ أبي عليّ الشلوبين رحمه الله، ومهر بين يديه نحو أربعين رجلاً كأبي الحسن بن عصفور، وأبي الحسن بن أبي الربيع، وأبي عبيد الله بن أبي الفضل، وأبي عبد الله بن العلج، وأبي الحسن بن الضَّائع، وأبي الحسن الأبذي، وأبي عليّ بن أبي الأحوص، وأبي جعفر اللبلي، وابن يللجنت، وأبي القاسم الصفار، وأبي العباس بن الحاج، وغيرهم. وكلّهم أئمة كبار مصنفون في علم العربية وغيره، قد طبقوا بعلمه الآفاق، وملأوا بفوائده وفرائده الأوراق ... "

فهذا النصّ إشارة واضحة إلى أن ابن العلْج كان من طبقة بن عصفور (المتوفى سنة ٦٦٩ هـ) وغيره من تلامذة الأستاذ أبي عليّ الشلوبين.


١ معجم البلدان ١/١٩٥.
٢ التاريخ الأندلسي. د. عبد الرحمنِ الحجي ٤٨٢.
٣ إنباه الرواة ٢/ ٣٣٤ الحاشية نقلاَ عن كتاب تلخيص أخبار النحويين واللغويين لابن مكتوم/ مخطوط.

<<  <   >  >>