للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والتنجيم بخراسان والتشيع بالكوفة، وبين ما ليس كذلك، ويفرق بين الأئمة المطاعين وغيرهم، وإذا عرف مقصود الشريعة سلك في حصوله أوصل الطرق إليه”١.

وبه يتبين أهمية أن يستخدم المسلم الحكمة في أمر الهجر، لأن المسلم قد يخالط من هو مرتكب للمنكرات، إلا أنه حاكماً أو سيداً مطاعاً في قومه، أو من يكون تعلقت به مصالح العبد، فإن هجره له لا يؤثر فيه بالارتداع والانزجار بل قد يتمادى تكبراً وغطرسة، وقد يوصل إلى الهاجر الضرر، إما الجسدي، وإما المالي.

وكذلك فإن من الأمور التي ابتلي بها أهل زماننا كثرة العصاة وتنوع عصيانهم، وظهور أنواع من المنكرات تواطأ الناس على فعلها فصارت من عادات بعض الناس، وأعرافهم التي لا يستنكرون فعلها كحلق اللحى وشرب الدخان ونحو ذلك، مما لو هجر المسلم بسببه لصرم الناس إلا قليلاً منهم، وفيهم أهله وأقرباؤه وذوي رحمه، وهؤلاء بهجره لهم لا يرتدعون ولا ينزجرون، فمن هنا أرى أن دعوتهم وتذكيرهم ووعظهم والإنكار عليهم بالرفق واللين واستعمال التأليف لهم بالهدية ونحوها مع القصد الصالح في دعوتهم ووعظهم، فلعل هذا يكون من الجنس الذي بين العلماء فيما نقلت عنهم كابن عبد البر، وشيخ الإسلام والذهبي أنه أنفع وأحرى في تحقق المقصود مع أنه في الحقيقة هو الأمر الممكن للإنسان في هذه الأزمان ولا حول ولا قوة إلا بالله، والله أعلم وأحكم.


١ مجموع الفتاوى (١٨/٢٠٤-٢٠٨) .

<<  <   >  >>