للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مقابل هذا النوع من الناس قد نجد إنسانا يغلب عليه انعدام الثقة بالنفس ولكنه في موقف معين نراه تبدو عليه أمارات الواثق المطمئن ولو تأملنا الأمر مليا لربما وجدنا ذلك الشخص قد مر بتجربة مماثلة سابقة وكانت آثارها طيبة جدا في نفسه من ذلك الوقت وكان قد أسترّ بها كثيرا ولذلك تركت هذه الحادثة في نفسيته ذلك الانطباع الجميل فأصبح يشعر بالسعادة والاغتباط والثقة بالنفس عند كل حادثة مشابهة حيث ينتقل معها من عالم العديم الثقة بالنفس ليتحول أثناء القيام بها وممارستها إلى إنسان مختلف تماما من الناحية النفسية.

ولذلك نكرر مرة أخرى ونحن نجد الأهمية الكبيرة التي تمثلها لنا في حياتنا وشخصياتنا وتركيبتنا النفسية تلك البيئة المحيطة بنا من أسرة ومدرسة وجيرة وغيرها من المؤسسات التربوية ضرورة التنبه إلى مدى مساهمتها في استقرار نفسياتنا وتنمية خصائصنا النفسية الجميلة.

حسنا ... وها نحن تكلمنا عن الثقة بالنفس وأصناف الناس فيها فإنه.. يتسنّى لنا الآن أن نسأل سؤالاً وهو كيف لنا أن نعرف الثقة بالنفس نفسها؟ ما علاماتها؟ وما أشكالها؟ والسؤال أيضاً مطروح للنقيض من ذلك بمعنى كيفية معرفة انعدام الثقة وما أماراتها؟ وهذه تساؤلات مهمة جداً وضرورية في نفس الوقت لأنها تسمح لنا وتساعدنا على تقييم ذواتنا لتصبح بذلك كالميزان لنا يمكن أن نعرض عليه صفاتنا وسلوكياتنا لنعرف درجة ثقتنا بأنفسنا.

وهنا يمكن أن نصف الواثق من نفسه اختصاراً بعدد من الصفات الجيدة كالإقدام وعدم التردد والقدرة على اتخاذ القرار وتحمل مسؤولية ذلك والاعتداد بالرأي وربما يصل الأمر بعض الأحيان إلى التصلب فيه، لا يخاف من النقد، ليس لديه حساسية زائدة تحسب للدقيق جداً من الأمور بل هم أهل هيبة للناس من غيرهم فلا يخشون المكاشفة والمصارحة في الأمور.

أما عديموا الثقة بالنفس فإن عملية اتخذ القرار هي من أصعب الأمور لديهم، ليس عجزاً في حقيقة ذلك وإنما في الدرجة الأولى خوفاً من النقد وخوفاً من الآخرين وخوفاً من الوقوع في الخطأ ولذلك نجدهم دائماً ما يحرصون على إسناد مثل هذه الأمور إلى الآخرين ليكونوا في مأمن من تبعات ذلك وما يمكن أن تجرهم إليه. نجدهم دائماً ما يحاولون العيش في الظل وفي كنف أناس آخرين وليس في المواجهة أو في المقدمة.

هم حساسون بدرجة مفرطة ربما تمنعهم من القيام بالكثير من الأمور. الواحد منهم يحتاج إلى مدة زمنية طويلة ليتجاوز خطأ أو مشكلة تكون قد مرت به، ويبقى أثرها عالقاً في نفسيته مدة ليست قصيرة.

التردد وضعف الشخصية واضحة في سلوكياتهم، روح الانهزامية أسبق إليهم من الإقدام والصبر والتجلد على مواجهة الآخرين، لا يستطيعون في بعض الأحيان المكاشفة مع الآخرين، نفسيا تهم كثيراً ما تكون كتابا مغلفا وموصدا لا يعرف مكنونه غيرهم بعكس الصنف الأول الذين هم عبارة عن كتابٍ مفتوح حيث ثقتهم بأنفسهم تحول بينهم والخوف من الآخرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>