للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: إن السنة كما أنها تكون بفعله -صلى الله عليه وسلم- وتقريره، فإنها تكون بسكوته كذلك، وهذا ما يسمى بالسنة التركية، وهي: أن يسكت الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الفعل غير الجبلي مع قيام المقتضي وعدم المانع، فسكوته -عليه الصلاة والسلام- هو المعتبر، وكذلك تركه للأمر بشرط ألا يكون الأمر المتروك أو المسكوت عنه جبلياً، فإن ترك الفعل الجبلي لا يعد سنة تركية، وبشرط أن يكون المقتضي للفعل موجوداً، والمانع مفقوداً، وهذا يتصور في كل أمر عبادي يراد به القربة لله -تعالى-، فإن تركه النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يعمل به فإن ذلك دليل على أن تركه هو السنة وفعله هو البدعة؛ لأن المقتضي موجود في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو التقرب من الله، أو الاستشفاء بالقرآن على طريقة قراءة أجزاء من القرآن -كما جاء في السؤال-، والوقت في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت التشريع، والنبي -صلى الله عليه وسلم- معصوم من الكتمان، فتركه -صلى الله عليه وسلم- مع وجود كل هذه المقتضيات، وانتفاء الموانع دليل على أن المشروع هو الترك.

وبناء على ما سبق يتضح أن ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- للفعل مع وجود الداعي إليه وانتفاء المانع منه يعد قسماً من أقسام السنة؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- مشرع، ولا يجوز أن يترك ما شرعه الله؛ لأن ذلك يعد تقصيراً في البيان، وتأخيراً له عن وقت الحاجة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- معصوم من هذا، وعلى هذا فلا بد أن يكون لسكوت النبي -صلى الله عليه وسلم- دلالة ولتركه معنى، وهو أنه لا زيادة ولا نقصان على ما صدر منه، وأن السنة ترك ما تركه -عليه الصلاة والسلام-، ويشترط -أيضاً- لاعتبار الترك سنة مواظبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>