للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستعانة نوعان: نوع لا يقدر عليه إلا الله، ونوع يقدر عليه المخلوق، فما جاء في قوله تعالى: "إياك نعبد وإياك نستعين"، هذا عبادة خاصة بالله، وما يحصل للمخلوق من عون المخلوق له ليس هذا حاصلاً بحول المخلوق، وإنما هو من تسخير الله -تعالى- لك أن يقوم فلان بمساعدتك وإعانتك على ما تحب، وأحوال الناس في هذه الدنيا كلها مبنية على تبادل المنافع، فالإنسان إذا ذهب يشتري يحتاج إلى من يعينه على تحصيل البضاعة التي يريدها، والعامل الذي يحتاج إلى عمل يحتاج إلى من يساعده في إكمال عمله، وغير ذلك من الأمور، فكل شئون العباد فيما بينهم مبنية على تبادل المنافع ومعاونة بعضهم لبعض، لكن هذا إنما هو تسخير من الله -تعالى- حيث يقوم بعض الناس بمساعدة الآخرين مما ييسر الله -تعالى- للجميع تحقيق مرادهم وتحصيل منافعهم، وكون صديقك وزميلك يسر بأن يقدم لك خدمة، هذا أمر يشكر عليه، وأمر حسن، ولا يتنافى مع النهي عن الاستعانة بالمخلوق؛ لأن هذا العمل الذي يقوم به هذا الإنسان يقوم به مما يستطيع تحصيله ويقدر عليه، وليس من الأمور التي هي مما لا يقدر عليها إلا الله، وكونك تقبل هذا إنما يجب عليك أن تقبله على أنه من عون الله -تعالى- لك حيث سخر لك هذا الإنسان ليحقق لك بعض الخدمة وينفعك في بعض الأمور. والله ولي التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>