للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إنكار أدلة القياس في التحريم]

المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام

التاريخ ١٥/٨/١٤٢٤هـ

السؤال

ما حكم من ينكر أدلة القياس في التحريم؟ أحد الإخوة يقول إنه لا يستدل بالقياس فيما يحرمه الإسلام، فما حكم من ينكر أدلة القياس في التحريم؟ وماذا يترتب على ذلك؟ بارك الله فيكم.

الجواب

قسَّم جمهور العلماء الأدلة التي يستدل بها على الأحكام - إيجاباً وندباً وتحريماً وكراهةً وجوازاً - إلى قسمين:

(١) أدلة متفق على الاحتجاج بها، وبناء الأحكام عليها، وهي: الكتاب والسنة، والإجماع، والقياس.

(٢) أدلة مختلف في الاحتجاج بها، وبناء الأحكام عليها، وهي كثيرة، ومنها: الاستصحاب والاستحسان، والمصلحة المرسلة، وسد الذرائع، وقول الصحابي وشرع من قبلنا، وغير ذلك.

هذا التقسيم الذي سار عليه جمهور العلماء، حيث عدوا القياس من الأدلة المتفق على الاستدلال بها على الأحكام الشرعية، ويستوي في ذلك الاستدلال بها في إباحة الأحكام، أو وجوبها، أو تحريمها؛ لأن الإباحة والوجوب والتحريم كلها أحكام شرعية، فتكون طرق إثباتها واحدة، ومن خلال ما سبق يتضح أن القياس دليل شرعي معتبر، وقد ورد في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- العملُ به، انظر ما رواه أحمد (٢٤٣٨) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وأصله في البخاري (٢١٣٥) ، ومسلم (١٥٢٥) كما أن سيرة الصحابة - رضوان الله عليهم - ومن بعدهم شاهدةٌ على اعتباره والعمل به، ومن تأمل كتب العلماء الذين تحدثوا عن الأحكام يتضح له أنهم اعتمدوا على القياس في إثبات الأحكام الشرعية في مواطن لا يمكن عدها ولا حصرها.

ولهذا فإنه لا يجوز لأحد أن ينكر العمل بهذا الدليل؛ لأنه حينئذٍ يكون مخالفاً لما استقر عليه الأمر عند العلماء من عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عصرنا الحاضر، ثم إن العمل بالقياس ليس عملاً بالرأي المجرد، وإنما هو توسيع لما دلت عليه النصوص الشرعية.

ولكن يجب التنبيه إلى أمر مهم، وهو: أن العمل بالقياس ليس على إطلاقه، بل له شروط ذكرها أهل العلم، لا بد من توفرها، فإن توفرت صح العمل به، وإن لم تتوفر كلها أو بعضها لم يجز العمل به، وهذه الشروط مذكورة في كتب أهل العلم، خصوصاً ما ذكروه في كتب أصول الفقه.

ثم إن الأخ الذي ذكرت أنه لا يستدل بالقياس في التحريم، هل يستدل به في الإيجاب أو الجواز، أو لا، فإن كان يستدل به في الإيجاب والجواز، فما الفرق بين التحريم وبينهما؛ لأن كلاً منها أحكام شرعية، والقول في واحد منها كالقول في الآخر، وإن كان لا يستدل بالقياس مطلقاً فقد ورد في الجواب ما تناقشه به.

والله أعلم، -وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>