للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرق بين قياس الشمول وقياس التمثيل]

المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام

التاريخ ٠٦/٠٤/١٤٢٦هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ما الفرق بين قياس الشمول وقياس التمثيل، مع شرح كل نوع مع الأمثلة؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، أمَّا بعد:

فإن الأصوليين تكلموا عن القياس، وبينوا حقيقته، وذكروا له أنواعاً كثيرة، إلا أنهم لا يذكرون هذين النوعين غالباً، وإن أشاروا إليهما فإنما هي إشارة عابرةٌ من غير بيان لحقيقتهما، وعلى كلٍ فإنه يمكن أن يُقال في تعريفهما ما يأتي:

قياس الشمول: إلحاق جزءٍ بقاعدةٍ كليةٍ، وهو القياس المنطقي المكوَّن من مقدمة صغرى ومقدمة كبرى ونتيجة، وقد عرَّفه شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه القياس المؤلف من المقدمات اليقينية، وأشار -رحمه الله تعالى- إلى أن الأفراد في هذا النوع من القياس متساوية. (الفتاوى الكبرى: ١/١٢٩) .

من أمثلة هذا النوع من القياس: حكم بيع الحمل في بطن أمه، حيث حكم أهل العلم بتحريم ذلك، مستدلين بعددٍ من الأدلة، منها قياس الشمول، وبيانه: أن بيع الحمل فيه غررٌ غير يسير، وكل بيع فيه غررٌ غير يسير باطل، فيكون بيع الحمل باطلاً، فالمقدمة الصغرى: (بيع الحمل فيه غررٌ غير يسير) ، والمقدمة الكبرى: (كل بيع فيه غررٌ غير يسيرٍ باطل) ، والنتيجة: (بيع الحمل باطل) .

أما قياس التمثيل: فهو القياس الاصطلاحي المشهور، وقد اختلفت عبارات العلماء في تعريفه، ومن أحسن هذه التعريفات أنه: إلحاق فرعٍ بأصلٍ في حكم؛ لاشتراكهما في مناط ذلك الحكم.

ومن أمثلة هذا النوع من القياس: حكم من أُحْصِرَ بمرض، هل يجوز له التَّحلل بذلك؟ أجمع العلماء على أن المحُرِمَ إذا حصره عدوٌ ومنعه من البيت الحرام أنه يجوز له التحلل بذلك؛ لقوله تعالى: "فإن أُحصرتم فما استيسر من الهدي" [البقرة:١٩٦] .

لكن إذا أُحْصِرَ المُحْرِمُ بغير العدو كالمرض، فهل يجوز له التَّحلل بذلك، أو لا؟ محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من منع من التَّحلل بذلك، وألزمه بالتَّحلل بالطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، ومنهم من قال بأن له أن يتحلل بذلك، واستدل بعددٍ من الأدلة. منها: قياس التمثيل، وبيانه: أن الإحصار بالمرض مثل الإحصار بالعدو، فيكون حكمهما واحداً. وهنا أُلحِقَ الفرع: (الإحصار بالمرض) بالأصل: (الإحصار بالعدو) في الحكم: (التَّحلل) ؛ لاشتراكهما في مناط الحكم: (المنع من وصول البيت الحرام) .

ومن أراد الاستزادة حول هذا الموضوع فعليه بالرجوع إلى مباحث القياس في كتب أصول الفقه، أو كتب المنطق، أو كتب الجدل والمناظرة.

والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>