للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اشتراط القرشية للإمامة العظمى]

المجيب خالد بن عبد الله البشر

عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود

أصول الفقه /السياسة الشرعية

التاريخ ١٦/٦/١٤٢٥هـ

السؤال

هل النسب القرشي أحد شروط الخلافة؟ وهل بدونها لا تصح الخلافة؟.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، أما بعد:

اختلف النسّابون في المقصود بقريش، وأصح هذه الأقوال: قول الشافعي وابن حجر وابن القيم - رحمهم الله - أن قريشاً: هو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، فالقرشي من كان من ولد النضر بن كنانة، والقرشية شرط من شروط انعقاد إمامة المسلمين عند أهل السنة والجماعة، وشذّت فِرق أمثال الخوارج والمعتزلة فلم يقولوا بهذا الشرط، قال القاضي عياض - رحمه الله- اشتراط كون الإمام قرشياً مذهب العلماء كافة، وقد عدوها في مسائل الإجماع، ولم ينقل عن أحد من السلف فيها خلاف، وكذلك من بعدهم في جميع الأمصار، ولا اعتداد بقول الخوارج ومن وافقهم من المعتزلة لما فيه من مخالفة المسلمين، وتظافرت نصوص السنة الصحيحة على اشتراط القرشية في إمام المسلمين، منها: ما رواه معاوية -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن هذا الأمر - أي الخلافة - في قريش لا يعاديهم أحد إلاَّ كبّه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين" أخرجه البخاري (٣٥٠٠) ، وما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان" أخرجه البخاري (٣٥٠١) ومسلم (١٨٢٠) ، وما رواه أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " الأئمة من قريش، ولهم عليكم حق، ولكم مثل ذلك، فإذا استرحموا رحموا، وإذا حكموا عدلوا، وإذا عاهدوا وفوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" رواه أحمد (١٢٤٨٩) ، وقال الهيثمي في الزوائد (٥/١٩٣) : ورجال أحمد رجال الصحيح، وقال أبوبكر -رضي الله عنه- في قصة سقيفة بني ساعدة: "وإن هذا الأمر - أي الخلافة - في قريش ما أطاعوا الله، واستقاموا على أمره "، والحكمة في اشتراط القرشية قيل: لأفضلية قريش حسباً ونسباً، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم، وقيل: لقوتهم وعصبيتهم بين قبائل العرب، وأن العرب تسمع لقريش وتطيع، وقيل غير هذا، والله أعلم بالحكمة. واشتراط النسب القرشي في إمام المسلمين هو شرط وجوب وابتداء عند اختيار إمام المسلمين من قبل أهل الحل والعقد بعد أن يستكمل سائر شروط الإمامة. وأما إذا كان الذي تولى الإمامة تولاها بطريق الغلبة والقهر، وخُشيت الفتنة بعزله إن عُزل؛ فلا يُشترط حينئذ شرط القرشية؛ لأن المقصد الأعظم للإمامة هو إقامة الدين وسياسة الدنيا به. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>