للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قطع القراءة قبل تمام المعنى]

المجيب د. مساعد بن سليمان الطيار

عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين

القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة

التاريخ ٩/٤/١٤٢٤هـ

السؤال

ما حكم الوقف في الصلاة في مثل هذه الآية (١٥) من سورة يس، والآية (١٨) من نفس السورة؟ علماً أن إمام المسجد عندنا في الحي كثيراً ما يقف في مثل هذه الآيات بقصد أو بغير قصد؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم

الدين، أما بعد:

فسؤالك أيها الأخ الفاضل غير واضح، وسأجيب على ما ظهر لي منه، فأقول:

إن كنت تقصد أنه يقطع قراءته على الآية الخامسة عشرة من سورة (يس) ، وهي قوله تعالى: "قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ" [يّس:١٥] ، ثم يركع، ثم يقوم فيقرأ الآية السادسة عشرة، وهي قوله تعالى: "قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ" [يّس:١٦] . ويقرأ قوله تعالى: "قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ" [يّس:١٨] ، ثم يركع، ثم يقوم فيقرأ: "قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ" [يّس:١٩] ، فأقول: إن في الأمر سَعَةً، والذي يدلُّ على ذلك ما رواه البخاري (٤٥٨٢) ، ومسلم (٨٠٠) ، من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يقرأ عليه سورة النساء، حتى إذا وصل إلى قوله تعالى: "فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً" [النساء:٤١] قال له: حسبك الآن، قال فرأيته، فإذا عيناه تذرفان.

وقطع القراءة على هذه الآية قبل تمام المعنى؛ لأن قوله تعالى: "يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً" [النساء:٤٢] مرتبط من جهة المعنى بما قبله، والتمام على رأس الآية هو الوقف التام؛ لأن ما بعدها كلام مستأنف جديد، وهو قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً" [النساء:٤٣] ، وهذا العمل منه صلى الله عليه وسلم حجة في من قطع قراءته قبل تمام المعنى، والله أعلم.

ولكن إن تتبع المعاني، وقطع عند انقضاء الأخبار والقصص، كما ورد ذلك عن السلف الصالح من التابعين والقراء وغيرهم، فذلك حسن، بل هو مما يعتني به علماء الوقف والابتداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>