للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن المسافر إذا أدى فرضه، ثم سافر بالطائرة فأدرك هذا الفرض في البلد الذي سافر إليه، فإنه لا يجب عليه أن يعيد صلاة ذلك الفرض، بل ولا يشرع له أن يعيده، إلا إذا صلاه بنية النافلة، وذلك لأنه قد أدى ما عليه على الصفة المشروعة، فسقط عنه الواجب، وبرئت ذمته، ولهذا كان من القواعد الشرعية أن (من فعل العبادة كما أمر فلا إعادة عليه) ، وهذه القاعدة ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢١/٦٣٣) فقال: "فإن الصواب ما عليه جمهور المسلمين: أن من فعل العبادة كما أمر، بحسب وسعه، فلا إعادة عليه، كما قال تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم"، ولم يعرف قط أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر العبد أن يصلي الصلاة مرتين، لكن يأمر بالإعادة من لم يفعل ما أمر به. ولهذا لم يأمر عمر وعماراً بإعادة الصلاة لما كانا جنبين، فعمر لم يصل، وعمار تمرغ كما تتمرغ الدابة؛ ظناً أن التراب يصل إلى حيث يصل الماء، وكذلك الذين أكلوا من الصحابة حتى تبين لهم الحبال السود من البيض لم يأمرهم بالإعادة، وكذلك الذين صلوا إلى غير الكعبة قبل أن يبلغهم الخبر الناسخ لم يأمرهم بالإعادة، وكان بعضهم بالحبشة، وبعضهم بمكة، وبعضهم بغيرها، بل بعض من كان بالمدينة صلوا بعض الصلاة إلى الكعبة، وبعضها إلى الصخرة ولم يأمرهم بالإعادة، ونظائرها متعددة"أ. هـ. أما قول السائل: وعند السفر الساعة الثانية صباحاً يظهر الفجر، فهنا بطلوع الفجر -في اليوم التالي- دخل وقت الفجر، فتجب الصلاة حينئذ، ولو كان ذلك في الساعة الثانية، لأن هذه العبادات مرتبطة بأسبابها، فمتى تحقق السبب -وهو هنا طلوع الفجر- وجبت العبادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>