للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- امرأة -من العدو- مقتولة في بعض المغازي -كما في صحيح ابن حبان (٤٧٩١) - قال:"ما كانت هذه لتقاتل"، فإذا كانت هذه ينهى عن قتلها وهي من العدو الكافر؛ لكونها ليست من أهل القتال، فما ظنك بمن كانت حاله كحال إخواننا في العراق ممن يشملهم اسم الإسلام؟!

وفي صحيح ابن حبان (٤٣٧٣) من حديث عبد الرحمن بن عوف أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:"شهدت مع عمومتي حلف المطيبين فما أحب أن لي حمر النعم وإني أنكثه"، وهو حلف تعاقدوا على ألا يعين ظالم مظلوماً بمكة، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في شرح البخاري (٤/٥٥٣) ح (٢٢٩٢) أنه وقع في بعض طرقه المرسلة:"ولو دعيت به اليوم لأجبت".

فأنت ترى أن هذا كله يؤكد عظم منزلة المظلوم في الجاهلية، فضلاً عن الإسلام الذي حرم ظلم البهائم، بل هذا محرم في شرع من قبلنا -ولو كانت على الحيوانات- ففي الصحيحين البخاري (٢٣٦٥) ومسلم (٢٢٤٢) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض".

وأنت ترى -يا محب- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يذكر من أسباب دخولها النار إلا هذا السبب، وهو ظلمها لتلك الهرة، فما ظنك بمن يطال ظلمه وعدوانه وبغيه بغير حق بني آدم الذين كرم الله حقهم، فضلاً عن المسلمين الذين ابتلوا بنظام بعثي ظالم، وعدو باغٍ غاشم؟!.

إذا تقرر هذا، فإني لا أرى أن يخصص أهل السنة بالذات بالدعاء، بل يدعى لعموم المسلمين فلهم علينا حق النصرة -مهما حصل منهم من تقصير أو بعد عن السنة- فإنهم ما داموا مسلمين فعقد النصرة بيننا وبينهم باقٍ، ولئن عجزنا عن نصرتهم بأنفسنا، أو بأموالنا فهل نبخل عليهم بدعائنا؟!.

<<  <  ج: ص:  >  >>