للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهل يسوغ لي الاستمرار في هذه المهنة، إن أنا حرصت على العمل لتحصيل المصالح السالفة، مع البعد عن كل الحالات المشتبهة؟ وهل يجوز لي الالتجاء إلى القوانين المخالفة للشريعة كلما تعذر تحصيل حق موكلي بطريق شرعي؟ وإذا كان الجواب في كل هذا بالمنع، فما القول في المال الذي حصلته فيما مضى من هذه المهنة، بما في ذلك البيت الذي أسكن فيه؟

أفتوني مأجورين، وجزاكم الله عني كل خير.

الجواب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن المحاماة نوع وكالة إذ هي وكالة في الخصومة، والوكالة الأصل فيها الجواز، بشرط ألاّ يترافع إلا عمن علمه محقاً، فإنها حينئذ من التعاون على البر والتقوى، وقد قال الله -تعالى-:" وتعانوا على البر والتقوى" [المائدة:٢] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه" مسلم (٢٦٩٩) ، وعلى هذا يتعين على المحامي قبل أن يدخل في قضية أن يدرسها فإن علم أن طالب المحاماة محق دخل فيها بقصد أخذ الحق له، أما إن علم كونه مبطلاً، فقد أفتى بعض أهل العلم بجواز دخوله فيها لكن لا ليبرئه ويجعله يستمر في باطله، بل ليأخذ الحق منه ويرده عن باطله؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم:"انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" قال: يا رسول الله أنصره مظلوماً فكيف أنصره ظالماً، فقال:" تمنعه من ظلمه فذلك نصرك إياه" البخاري (٦٩٥٢) ومسلم (٢٥٨٤) -أو كما قال عليه الصلاة والسلام-، ولذا يجب على المحامي إذا تبين له ظلم موكله أن ينصحه بعدم الاستمرار في دعواه فإن أصر فيكون عمل المحامي إظهار باطله ورد الحق إلى مستحقه، وما يأخذه من الأجر حينئذ فهو حلال له وليس فيه عليه حرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>