للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الجواب عن سؤالك؛ فهذا مبني على مسألة عمل المسلم عند الكافر لقاء أجرة (راتب شهري) هل هي جائزة أم لا؟ الجواب: إجماع العلماء قائم على جوازه شرعاً ولا إشكال فيه ولا تلحقه الحرمة بحال، فقد عمل نبي الله يوسف - عليه السلام - لدى ملك مصر وهو كافر حتى أعجب بأمانة يوسف - عليه السلام - وصدقه فجعله ملكاً على مصر كلها يحكم فيها بالعدل، وقد عمل رسولنا - صلى الله عليه وسلم- راعياً لغنم مشركي مكة، وقال - صلى الله عليه وسلم - في هذا: "ما بعث الله نبيّاً إلا رعى الغنم" رواه البخاري (٢٢٦٢) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وباتصافه بالصدق والأمانة كانت قريش تضع عنده أماناتها، والنصوص الشرعية متظافرة على جواز معاملة المسلم للكافر بيعاً وشراء وإجارة ونحوها، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعامل اليهود في البيع والشراء وهم من هم في الكفر والخسة والمكر، فتوفي -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي بصاع من شعير انظر ما رواه البخاري (٢٩١٦) ، ومسلم (١٦٠٣) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وقد آجر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- نفسه من يهودي يسقي له من ماء البئر كل دلو بتمرة، رواه الترمذي (٢٤٧٣) عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فمعاملة الكفار في أمور الدنيا لا تستلزم محبتهم وموالاتهم فيما هم عليه من كفر وضلال، كما أن بغضنا لهم وكراهيتنا لما هم عليه من كفر وقسوة وعداوة للمسلمين لا يجوز أن يحملنا ذلك على بخسهم حقوقهم أو إلحاق الأذى بهم مما لم يأذن به الله سبحانه، ولنتأمل جميعاً قول الله - تعالى -: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون" [المائدة:٨] فتحريم الجور عليهم ووجوب العدل معهم يلزم منه جواز معاملتهم، فالظلم أو العدل لا يكونان إلا نتيجة معاملة واقعة ولا شك، وأنت يا أخي إن قدر الله لك الذهاب إلى العراق وعملت مع هذه الشركة

<<  <  ج: ص:  >  >>