للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الشق الثاني: وهو تجنس المسلم بالجنسية الأمريكية أو غيرها، فأقول إذا كان السفر والإقامة المؤقتة في بلاد الكفار لغير غرض شرعي فمنهي عنها؛ لأحاديث كثيرة منها ما رواه أبو داود (٢٦٤٥) والترمذي (١٦٠٤) : "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"، قالوا يا رسول الله ولم؟ قال: "لا تراءى ناراهما"، فإن النهي عن التجنس بجنسية الدولة الكافرة من باب أولى؛ لأنها إقامة دائمة، فالنهي عنها أشد وأعظم، وقد تدعوه الحال إلى أن يتحاكم إلى محاكمها وأنظمتها الكفرية، والإقامة بين أظهر الكفار تسبِّب ضعف الدين ورقته وضياع الأولاد والأهل، واستمراء المعاصي والمنكرات؛ لأن كثرة المساس تذهب الإحساس، كما يقال، هذا كله إذا كان التجنس بجنسية الدولة الكافرة أو الإقامة فيها لغير ضرورة شرعية، أما إذا كان هناك ضرورة تدعوه لأخذ جنسية الدولة الكافرة، كأن لا يأمن على نفسه أو أهله، فهو يلاحق ظلماً وعدواناً، أو لا يستطيع طلب الرزق له ولأولاده في بلاده التي نشأ بها، ولم يجد دولة مسلمة تؤيه، كما هو الحال اليوم مع كثير من الدعاة أو المعارضين لحكوماتهم، أو يكون المسلمون (الأقلية المسلمة) في بلاد الكفار بحاجة إلى من يعلمهم دينهم، ولا يحصل لهم هذا إلا إذا تجنَّس من يدعوهم بجنسية دولتهم، ففي مثل هذه الحالات يجوز أخذ جنسية دولة كافرة بشروط منها:

(١) أن يكون ولاؤه الحقيقي ومحبته القلبية لأمته المسلمة، ولو خالط الكفار وعاشرهم في الظاهر إنما لحمله جنسيتهم.

(٢) أن لا يترتب على أخذه الجنسية ارتكابه لمحظور شرعي قطعي الدلالة.

(٣) أن يتمكن من إظهار شعائره التعبدية من صلاة وصيام وزكاة ونحوها.

<<  <  ج: ص:  >  >>