للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تزوجها قبل توبتها من الزنا]

المجيب سليمان بن عبد الله القصير

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية

التاريخ ١٦/٦/١٤٢٥هـ

السؤال

سؤالي: أجاز الله -تبارك وتعالى- الزواج من الكتابيات, لكنه اشترط فيهن الإحصان والعفة, قال تعالى: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، فهل يصح أن يقال لرجل عاشر امرأة نصرانية، وزنا بها بأن عقده على هذه النصرانية غير صحيح؛ لأنه أخل بشرط من شروط الصحة وهو العفة, لأنها عند عقد النكاح لم تكن قد تابت من الزنا معه, مع العلم أن هذا الرجل وفقه الله لإسلام زوجته, وهي الآن مسلمة وحسن إسلامها, وقد بقيت مع زوجها هذا فترة ليست بالقليلة, وله منها أطفال, السؤال تحديداً: هل يجب عليهما إعادة عقد النكاح؟ وإذا كان الجواب بنعم, هل يؤمر بفراقها حتى يجدد العقد؟ أفيدونا أفادكم الله.

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

الجواب: أولاً - نحمد الله -تعالى- أن منَّ على هذه المرأة بالهداية للإسلام، والإسلام يجبّ ما قبله من الذنوب. ونسأل الله لنا ولها الثبات عليه.

ثانياً - لا يجب عليه إعادة عقد النكاح، ولو كان زانياً بالمرأة المعقود عليها عند العقد؛ لأن نكاح الزانية صحيح عند جمهور العلماء، فقد قال بصحته أبو حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم، وقد سئل ابن عباس -رضي الله عنهما- عن نكاح الزاني للزانية فقال: أوله حرام وآخره حلال، وروي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- ضرب رجلاً وامرأة بسبب زناهما، ثم حرص أن يزوجهما من بعضهما. (انظر: الشرح الكبير لابن قدامة ٢٠/ ٣٣٧) .

والمرأة الكتابية حكمها حكم المرأة المسلمة في كل ما يتعلق بالنكاح كما قَالَ الإمام الشَّافِعِيُّ - رحمه الله - في كتاب الأم (ج ٥:ص ٩) : (الكِتابية فِي جَمِيعِ نِكَاحِهَا وَأَحْكَامِهَا الَّتِي تَحِلُّ بِهَا وَتَحْرُمُ كَالمسْلِمَةِ لا تُخَالفها فِي شيء وفيمَا يَلْزَمُ الزَّوْج لها.. الخ) .

أما الآية التي ذكرها السائل، وهي قوله تعالى: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" [المائدة: ٥] ، فقد نصت على المحصنات، وقد فسَّر جمهور العلماء الإحصان بالعفة , وذهب آخرون ومنهم ابن عباس - رضي الله عنهما- إلى تفسيرها بالحرية، وأن المراد بالمحصنات الحرائر وليس المملوكات، وكلا التفسيرين صحيح وموافق للغة القرآن، وليس المراد بيان هذا الآن.

والمقصود أن اشتراط الإحصان في المرأة الكتابية، وكذا التوبة من الزنا بالنسبة للمرأة الزانية هذا كله قبل إجراء عقد النكاح، أما وقد تم العقد - بالنسبة لصاحب هذا السؤال - وحصل إنجاب وغيره فلا يجب تجديد العقد، ولو كان السؤال قبل العقد لتغير الحال، والله أعلم.

وعلى السائل التوبة إلى الله مما وقع منه، والإكثار من الاستغفار حتى يكفر الله عنه ما فعل، وليبشر بالخير، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>