للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٧/١٩) ، والحنابلة في قول كما في الإنصاف (٨/٣٨) ، إلى أنه يسن عقد الزواج في شوال؛ استدلالاً بحديث عائشة - رضي الله عنها- قالت: "تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شوال، وبنى بي في شوال، فأي نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان أحظى عنده مني، قال: وكانت عائشة - رضي الله عنها- تستحب أن تدخل نساءها في شوال" أخرجه مسلم في صحيحه (١٤٢٣) .

وكذا استدل النووي في شرح صحيح مسلم (٩/٢٠٩) ، وغيره، بهذا الحديث على الاستحباب، وهذا الاستدلال محل نظر، وذلك أن هذا الحديث إنما يدل على الاستحباب لو تبين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قصد ذلك الوقت؛ لخصوصية له لا توجد في غيره، لا إذا كان وقوع ذلك منه - صلى الله عليه وسلم- على سبيل الاتفاق، لا سيما وأنه -صلى الله عليه وسلم- قد تزوج بنسائه في أوقات مختلفة على حسب الاتفاق، ولم يتحر وقتاً مخصوصاً، ولو كان مجرد الوقوع يفيد الاستحباب لكان كل وقت من الأوقات التي تزوج فيها النبي - صلى الله عليه وسلم- يستحب الزواج فيها، وهذا غير مسلم به كما أفاد ذلك كله الشوكاني في نيل الأوطار (٦/٣٣٩) .

هذا بالنسبة لمكان العقد، وزمانه، فإنه لم يرد فيه نص من الشارع، فيبقى تحديده خاضعاً لرغبة العاقدين.

أما بالنسبة لسؤالك عن كيفية العقد، ومن يحضره، فالنكاح ينعقد بالإيجاب والقبول الصادرين من الزوج وولي المرأة، أو وكيلهما، أو وكيل أحدهما، وصفة ذلك: أن يقول ولي المرأة: زوجتك ابنتي فلانة أو أختي أو ... ، فيقول الزوج: قبلت الزواج بها، فينعقد بهذا اللفظ، أو بمعناهما الخاص بكل لسان لمن لا يحسنهما.

ويجب أن يحضر هذا العقد شاهدان عدلان، وبذلك يصح النكاح، وينعقد، مع مراعاة تحقق الشروط التي ذكرها الفقهاء في الصيغة، وفي الولي، والشاهدين.

وذهب بعض أهل العلم إلى عدم وجوب الشهادة، وإلى وجوب إعلان النكاح- سواءٌ كان بالشهادة، أو غيرها- وهو مذهب مالك كما في الكافي لابن عبد البر (١/٢٢٩) ، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٣٢/١٢٧-١٣١) ، وانتصر له بأوجه كثيرة.

وأما بالنسبة لسؤالك عن الأدعية التي تقال عند العقد، فإنه لم يثبت في هذا حديث صحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سوى ما يقال للمتزوج بعد العقد، فإنه قد ثبت في الصحيحين البخاري (٥١٥٥) ومسلم (١٤٢٧) ، عن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له حين رأى عليه أثر صفرة - من عرس-: "بارك الله لك"، وفي سنن أبي داود (٢١٣٠) ، والترمذي (١٠٩١) ، وابن ماجة (١٩٠٥) ، ومستدرك الحاكم (٢/١٨٣) ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رفأ الإنسان، إذا تزوج، قال: "بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير"، ثم قال الترمذي: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- حديث حسن صحيح، ا. هـ، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه" ا. هـ، وأقره الذهبي، وكذلك صححه النووي في الأذكار ص٤٠٦) .

ويسن للزوج إذا دخل بزوجته أن يأخذ بناصيتها، ثم يدعو بالبركة، فيقول: "اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه"، كما جاء بذلك الحديث المرفوع عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، كما في سنن

<<  <  ج: ص:  >  >>