للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تزويج الصغيرة غير البالغة]

المجيب نزار بن صالح الشعيبي

القاضي بمحكمة الشقيق

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة

التاريخ ١٧/٠٤/١٤٢٥هـ

السؤال

ما حكم زواج الصغيرة قبل بلوغها؟ وهل يكون لها خيار البلوغ ما إذا لو زوجها أبوها أو جدها؛ لأنه من المعلوم أنه لو زوجها غير الأب والجد من الأولياء فيكون لها الخيار؟ وهل من الصحابة -رضي الله عنهم-، والتابعين، من يقول: بأن لها الخيار بعد بلوغها؟ أي في حالة تزويجها من قبل أبيها أو جدها؟ وإن لم يكن لها الخيار، فماذا لو لم تحب زوجها أو تكرهه لأي سبب؟ حيث إنها أصبحت مثل البكر البالغة، ولها رأيها، فلماذا تحرم من إرادتها مع أن الله يقول: "ولاتزر وازرة وزر أخرى"، ومتى يتم الدخول بها؟ ومتى يجوز وطأها؟ وهل يجوز الدخول بها وهي كارهة؟ أرجو الجواب بالأدلة والتفصيل. وشكراً.

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على ما لا نبي بعده، وبعد:

أما زواج البنت قبل بلوغها تسع سنوات، فيقول ابن قدامة في الشرح الكبير (ج٢٠/١١٩) ما نصه: (فصل: فأما الإناث فللأب تزويج ابنته البكر الصغيرة التي لم تبلغ تسع سنين بغير خلاف إذا وضعها في كفاءة) ، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن نكاح الأب ابنته الصغيرة جائز إذا زوجها من كفء، ويجوز له ذلك مع كراهتها وامتناعها، وقد دل على جواز تزويج الصغيرة قول الله -تعالى-: "وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ"

[الطلاق: من الآية٤] ، فجعل للائي لم يحضن عدة ثلاثة أشهر، ولا تكون العدة ثلاثة أشهر إلا من طلاق في نكاح أو فسخ، فدل ذلك على أنها تزوج وتطلق، ولا إذن لها يعتبر، وقالت عائشة - رضي الله عنها-: "تزوجني النبي - صلى الله عليه وسلم- وأنا ابنة ست وبنى بي وأنا ابنة تسع" متفق عليه البخاري (٣٨٩٤) ومسلم (١٤٢٢) ، ومعلوم أنها لم تكن في تلك الحال ممن يعتبر إذنها" ا. هـ.

ومما سبق من الأدلة التي ذكرها ابن قدامة -رحمه الله- يتضح لك أنه لا خيار لها في الفسخ إلا إذا بلغت إذا كانت مزوجة بكفء، بخلاف ما إذا زوجها غير الأب والجد، فيكون لها الخيار، وهذه رواية عن الإمام أحمد، وذكر ابن قدامة أنه قول الحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهما، والبعض يرى أن العقد من أصله غير صحيح.

أما إذا لم تحب الزوج، وكانت تكرهه لأي سبب كأن يكون دميم الخلقة، أو كبيراً في السن، أو غير ذلك، فلها أن تطلب منه الخلع، فإن رفض أجبره القاضي عليه، فإن أصرَّ قام القاضي بإصدار حكم الفسخ، ولكن هذا الإجراء، وكما قلت يكون خلعاً، فتقوم المرأة برد ما دفعه لها من مهر، ويجوز أن يدخل بها في أي وقت شاء، أما الوطء (الجماع) فلا يجوز له ذلك؛ حتى تطيقه، أما إذا كانت لا تطيقه فيحرم ذلك؛ لحرمة أذية المسلم بغير حق، والقول في الدخول كالقول في أصل الزواج، وأما سؤالك: هل هناك من لم يجوِّز قيام الأب تزويج ابنته الصغيرة، فإن الشوكاني في نيل الأوطار، نقل عن الطحاوي وابن حزم -رحمهما الله- أنهما ذكرا أن ابن شبرمة منع من ذلك فيمن لا توطأ. والله -تعالى- أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>