للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عقد النكاح في المسجد الحرام]

المجيب هاني بن عبد الله الجبير

قاضي بمحكمة مكة المكرمة

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة

التاريخ ٢٥/٠٣/١٤٢٦هـ

السؤال

السلام عليكم

ما حكم إجراء عقد النكاح في المسجد الحرام؟.

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فإجراء عقد النكاح في المسجد الحرام شائع بكثرة عند أهالي مكة وجدة؛ لقرب الحرم منهم، ويحصل السؤال من بعض الغيورين الحريصين على اتباع السنة والسلامة من البدعة، والجواب عن حكم إجراء العقد المذكور يتضح من خلال النقاط الآتية:

أولاًً: ورد في جامع الترمذي (١٠٨٩) ، والبيهقي (٧/٢٩٠) من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة - رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف".

وهو ضعيف الإسناد، قال البيهقي بعد إخراجه: (عيسى بن ميمون ضعيف) ، قال الترمذي: (هذا حديث غريب حسن في هذا الباب، وعيسى بن ميمون الأنصاري يُضَعَّف في الحديث) ، وفي ميزان الاعتدال (٣/٣٢٦) : قال البخاري: (عيسى بن ميمون الذي يروي "أعلنوا النكاح" ضعيف ليس بشيء، وقال عبد الرحمن بن مهدي: استعديت عليه، وقلت: ما هذه الأحاديث التي تروى عن القاسم عن عائشة - رضي الله عنها- فقال: لا أعود!) . وقد ضعفه الألباني في الإرواء (١٩٩٣) (٧/٥٠) ، وفي السلسلة الضعيفة (٩٧٨) .

ولا أعلم أنه ورد في السنة القولية أمر، ولا نهي عن إجراء عقد النكاح في المساجد حسب بحثي القاصر، ووجدت الشيخ محمد بن عثيمين في شرحه للزاد عند تناوله لاستحباب العقد يوم الجمعة مساء قال: (وذكر ابن القيم أنه ينبغي أن يكون في المسجد أيضاً لشرف الزمان والمكان، وهذا فيه نظر في المسألتين جميعاً إلا لو ثبتت السنة بذلك، فبها ونعمت، لكني لا أعلم في هذا سنة) (٥/١٣٢) ، طبعة مركز فجر للطباعة ودار الآثار للنشر- مصر-.

أما السنة الفعلية فقد ورد في حديث الواهبة الذي أخرجه البخاري (٥١٤٩) ، ومسلم (١٤٢٥) عن سهل بن سعد الساعدي إني لفي القوم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا قامت امرأة فقالت يا رسول الله: إنها قد وهبت نفسها لك فلم يجبها، فقام رجل فقال: يا رسول الله أنكحنيها، قال صلى الله عليه وسلم: هل عندك من شيء؟ قال: لا، قال صلى الله عليه وسلم: اذهب فاطلب ولو خاتماً من حديد، فذهب ثم جاء، فقال: ما وجدت شيئاً ولا خاتماً من حديد، قال: هل معك من القرآن شيء؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا، قال: اذهب فقد أنكحتها بما معك من القرآن") .

قال الحافظ في الفتح (٩/١١٣) : (وفي رواية سفيان الثوري عند الأصيلي (جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد) ، فأفاد تعيين المكان الذي وقعت فيه القصة) . ففي هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أجرى عقد النكاح في المسجد، وإن كان السياق يفهم منه وقوعه دون تقصد لذلك كما هو ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>