للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رغبة المرأة عن الزواج مطلقاً!

المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم

عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة

التاريخ ٠٣/١١/١٤٢٦هـ

السؤال

هل هناك ما يبيح للبنت المسلمة أن تقرر عدم الزواج أبداً، إذا رفض والدها تزويجها من رجل أعجبها تقدم للزواج؟ وهل هناك أمثلة من التاريخ الإسلامي على ذلك؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فما ذكرته السائلة غير مشروع، حيث إن البنت يجب أن تتفاهم مع والديها بطريقة غير التي تطرحها.

ومع افتراض أن الذي تقدم لها كفؤٌ لها ومناسبٌ، وأن والدها أخطأ برده عنها، فإن ذلك لا يستوجب أن تمتنع من الزواج مطلقاً.

بل تتفاهم مع والديها فيمن يتقدم مستقبلاً لخطبتها، أو تحاول إقناعهما بمن تريد، فليس لها أن تتزوج دون موافقة وليها، وليس لوليها أن يرغمها على الزواج من أحد لا تريده، وقد جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكرت أن والدها أرغمها على الزواج، فرد عليه الصلاة والسلام نكاحها، كما جاء في صحيح البخاري: (٦٩٤٥) عن خنساء بنت خذام الأنصارية -رضي الله عنها- أن أباها زوجها وهي ثيِّب فكرهت ذلك، فأتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فردَّ نكاحها.

فالأصل في ولاية الولي ابتغاء الصلاح لمن ولاه وطلب مصلحة موليته، وهذا هو الحاصل في الأغلب، لاسيما في الآباء وهم أعرف بمن يصلح لبناتهم، وأعلم بحال الرجال المتقدمين، ومع ذلك فلابد من إذن البنت بصماتها إذا كانت بكراً، أو بأمرها إذا كانت ثيباً، كما جاء في صحيح البخاري (٥١٣٦) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن". قالوا يا رسول الله! كيف إذنها؟ قال: "أن تسكت".

وهذا التشريع إنما تراد من ورائه مصلحة المرأة، وفي الحالات النادرة التي يثبت فيها خيانة الولي للأمانة بتقديم مصلحة نفسه على مصلحة موليته، أو قصد الإضرار بها، فإن المسألة ترفع إلى القاضي الشرعي الذي يرفع عنه الولاية إلى غيره.

ولكن الأغلب والمظنون أن الولي إنما ينطلق من مصلحة وليته لا سيما والدها.

وعلى الواقعة في تلك الحالة أن تحسن الظن بوالدها، كما أن عليها أن تعلم أن الإعجاب ليس هو المقياس الوحيد، وأن الخير فيما يختاره الولي ويقدره، وأن الله ربما اختار لها خيراً منه.

نسأل الله -تعالى- أن يصلح أحوال المسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>