للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[طلاق الحائض]

المجيب د. نايف بن أحمد الحمد

القاضي بمحكمة رماح

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي

التاريخ ٢٦/١٠/١٤٢٦هـ

السؤال

قرأت أن طلاق المرأة وهي في الحيض لا يقع، فهل في حالة التلفظ بالطلاق في الحيض يحسب ذلك طلقة من الثلاث طلقات، برغم أن الطلاق لا يقع؟ والمرأة هي الأدرى بواقع الحيض وبدايته ونهايته في حقها، فهل يأخذ الرجل بقول المرأة في حيضها وقت تلفظه بالطلاق؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإن طلاق الحائض غير المدخول بها لا بأس به؛ لعدم الضرر لأنه لا عدة عليها، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً" [الأحزاب:٤٩] .

أما طلاق الحائض المدخول بها فمحرم، وهو طلاق بدعي، قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى: "وأما المحظور فالطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه، أجمع العلماء في جميع الأمصار وكل الأعصار على تحريمه، ويسمى طلاق البدعة؛ لأن المطلق خالف السنة وترك أمر الله تعالى ورسوله". المغني (٧/٢٧٧) .

وقد اختلف العلماء في وقوعه، فذهب أكثر العلماء إلى وقوعه مع الإثم، مستدلين بأدلة منها حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمرُ -رضي الله عنه- رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "مره فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" رواه البخاري (٥٢٥٢) ، ومسلم (١٤٧١) .

قالوا: فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمراجعة، والمراجعة لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق. وقد ادعى بعضهم الإجماع على ذلك.

وذهب جمع من العلماء، منهم ابن عمر -رضي الله عنهما- في أحد قوليه، وطاوس وخلاس بن عمرو وابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني وغيرهم -رحمهم الله تعالى- إلى أن الطلاق المحرم لا يقع، ومنه طلاق الحائض، مستدلين بأدلة كثيرة، منها ما رواه أبو داود (٢١٨٥) بإسناد صححه ابن حزم وابن القيم في زاد المعاد (٥/٢٢٦) وغيرهما من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- المذكور أعلاه، وفيه: "فردها عليَّ ولم يرها شيئاً".

قال الشوكاني -رحمه الله تعالى-: "إسناد هذه الرواية صحيح، ولم يأت من تكلم عليها بطائل" وبل الغمام (٢/٧٠) .

وقد سئل ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رجل طلق امرأته وهي حائض، فقال: "لا يعتد بذلك" رواه ابن حزم (١٠/١٦٣) بإسناده إليه، قال ابن القيم: "إسناد صحيح" زاد المعاد (٥/٢٣٦) ، كما صححه الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في التلخيص الحبير (٣/٢٠٦) .

وعدم وقوع الطلاق على الحائض أفتى به شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز -رحمه الله- انظر الفتاوى (٢١/٣٨٣) .

وهو مقتضى قواعد الشريعة، فإن الطلاق لما كان منقسماً إلى حلال وحرام كان قياس قواعد الشرع أن حرامه باطل غير معتد به كالنكاح وسائر العقود التي تنقسم إلى حلال وحرام.

أما دعوى الإجماع على الوقوع فمحل نظر، قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "وتوهم من توهم أنا خالفنا الإجماع في هذه المسألة غلط؛ فإن الخلاف فيها أشهر من أن يجحد وأظهر من أن يستر" أ. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>