للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حلف إن خرجت ليطلقها]

المجيب هتلان بن علي الهتلان

القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط

التاريخ ٢٨/١٠/١٤٢٤هـ

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ما رأي فضيلتكم في رجل حلف على زوجته عند خروجه من المنزل بأنها لو خرجت بعد أن يخرج سوف تكون طالقاً، وبعد فترة من الوقت ظل الرجل خلالها داخل المنزل ثم بعد ذلك خرجا معاً، فما حكم حلف الطلاق هنا؟ وهل عليه شيء كحلف اليمين؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإذا قال الزوج لزوجته إن خرجت من المنزل بعدي فأنت طالق، فإن كان قصده تعليق الطلاق وإيقاعه بخروجها من بيته بعد ما يخرج منه، فإن خرجت بعده وقع الطلاق طلقة واحدة، فإن لم تخرج فلا يقع شيء.

أما إن كان قد قصد بقوله ذلك منعها من الخروج وحملها على عدم الخروج من بيته إذا خرج هو، ثم خرجت بعد ذلك فإن حكمه حكم اليمين، فعلى الزوج كفارة اليمين في أصح قولي العلماء، حيث اختلف أهل العلم في مثل هذه المسألة، فمنهم من رأى أن المعلق يقع متى ما وقع الشرط، ولو كان المعلق أراد المنع كما في هذه المسألة، وكمن قال لزوجته: إن شربت الدخان فأنت طالق، أو إن كلمت فلانة أو ذهبت لبيت فلانة، أو أكلت عند فلانة فأنت طالق وقصد منعها وتخويفها فإنه يقع وهو قول الأكثرين.

وذهب بعضهم إلى التفصيل كما سبق، فإن كان المعلق قصد منعها وتخوفيها وتحذيرها من هذا الفعل ولم يرد أن يوقع الطلاق فإنه لا يقع، ويكون حكمه حكم اليمين، وعليه كفارة اليمين إن فعلت زوجته ما منعها منه أو علق طلاقه لها عليه؛ لحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- في الصحيحين قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخاري (١) ومسلم (١٩٠٧) واللفظ له من حديث عمر - رضي الله عنه -، وهذا لم ينو طلاقاً وإنما نوى منعاً وتخويفاً وتحذيراً، وعليه فلا يقع الطلاق، وعليه كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر، أو أرز، أو بر، ونحو ذلك أو كسوتهم، أو تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام.

أما إذا قصد المعلق بهذا القول إيقاع الطلاق إذا فعلت زوجته ما نهاها عنه فإن الطلاق يقع حينئذ إذا فعلته؛ لأن المرد إلى نية المتكلم، والأحكام الشرعية تبنى على مراد المتكلم وقصده من كلامه كما سبق في الحديث، وقد وردت آثار عن الصحابة -رضي الله عنهم- في وقوع الطلاق في مثل هذه المسألة وآثار أخرى في عدم وقوعه، والأظهر هو حمل الآثار كلها على ما سبق تفصيله، وبه يعمل بها كلها وهو الراجح، وهو اختيار ابن القيم - رحمه الله- كما فصَّل القول فيه في إعلام الموقعين (٤/٧٣) ، وهي فتوى شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله- والله - تعالى - أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>