للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلقها قبل الدخول ثلاثًا

المجيب راشد بن فهد آل حفيظ

القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط

التاريخ ٠٧/٠٩/١٤٢٥هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبلغ من العمر ٢٩ سنة، ولقد تعرفت إلى امرأة، وعقدت عليها عقدًا شرعيًّا، ولم يكن ذلك إلا لإعجابي بدينها وخلقها، ولكي نعف نفسينا، وقررنا الزواج في هذا الصيف، وقد صدمتني عندما قالت لي إنه لن يكون هنالك زواج بالصيف، وقد أخرته بعد الصيف، وأنا في بلاد الغربة أعاني الأمرين من غريزتي، وأخاف الله ولا أريد سوى مرضاته، وكنت أترقب يوم الزفاف بفارغ الصبر، فغضبت في نقاش معها في الهاتف وقلت لها وأنا متوتر وأريد تهديدها بذلك: إن كنت لم تنور- الزواج- فأنت طالق. ولم يكن ذلك إلا لأضغط عليها عساها تُبدِّل رأيها، وفي آخر اتصال اشتد النقاش كثيرًا وغضبت غضبًا شديدًا حتى أني لم أعد أدري ما أقول، فلم أجد أمامي آنذاك سوى كلام أسمعه دائمًا في البلاد، ولم أكن أنوي ما قلت، فقلت: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. وقطعت المكالمة، وعندما رجعت إلى رشدي ندمت ندمًا شديدًا، وخاصة أني أحب زوجتي حبًّا شديدًا، وكنت أترقب اليوم الذي نكون فيه مع بعض، ولم أكن أقصد ما قلت، وأنا لم أرد فراقها أبدًا، بل أود الزواج بها، ونسيت أنها مريضة بالوسواس، وهذا الكلام كان لها صدمة كبيرة لقلبها، وبذلك قالت لي: يحرم أن تراني أو أن تكلمني. وأنا أحبها حبًّا شديدًا، وأريد البقاء معها، مع العلم أنها رافضة تمامًا الزواج بالصيف ومقتنعة بأن هذا الكلام الذي وقع هو فراق بيني وبينها، هذه معضلتي وأرجو منكم الجواب الشافي. وجزاكم الله كل خير.

الجواب

الحمد لله وحده، وبعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فإنه لم يقع منك طلاق في الحالين، أما الحال الأولى، فلأنك لم ترد الطلاق، لم ترد إلا حثها على تغيير رأيها، وهذا هو معنى اليمين، فيكون عليك فقط كفارة يمين. هذا أولاً.

أما في الحال الثانية فلأنك لم تدر ما تقول، ومن هذه حاله لا يقع طلاقه بالاتفاق. وهذا ثانيًا.

ومثل ذلك- على الصحيح- من غيَّر عقلَه الغضبُ حتى لم يعد يملك نفسه، فطلق بسبب الغضب، حتى وإن كان يعلم ما يقول؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا طَلاقَ ولا عَتَاقَ في إِغْلاقٍ". أخرجه أبو داود (٢١٩٣) وابن ماجه (٢٠٤٦) وغيرهما. وهو صحيح. والإغلاق يشمل تناول كل من انغلق عليه باب قصده، كالمجنون والسكران، والمكره، والغضبان الذي يعلم ما يقول، لكن لم يعد يملك نفسه فطلق بسبب الغضب. وهذا ثالثًا. أما زوجتك فليس عليها إلا كفارة يمين فقط؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ... ) . ثم قال تعالى: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) [التحريم: ١-٢] . فالتحريم الصادر من الزوجة حكمه حكم اليمين على كل حال. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>