للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوسوسة في التطليق]

المجيب د. نايف بن أحمد الحمد

القاضي بمحكمة رماح

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة

التاريخ ٢٤/١٠/١٤٢٦هـ

السؤال

أخي يعاني من أحلام اليقظة، وعادة هذه الأحلام تكون على حسب ما يتأثر به من مواقف، وهو كما يخبرني أنه في تلك الحالة يأخذه الحلم ويتخيل مواقف تفصله عن عالم الواقع لا إراديًّا، وقد حاول أكثر من مرة مقاومة تلك الأحلام إلا أنه يرجع إليها لا إراديًّا، علماً أن هذه الأشياء تحدث له عندما يكون منفرداً، وقد أبرم عقد النكاح قريباً وانتهت هذه الأحلام فترة، ولكن رجعت إليه أحلام اليقظة مرة أخرى، وانتهى الحلم بتطليق زوجته، أقصد أن الحوادث المتخيلة في عقله تزاحمت وانتهت القصة في مخيلته بتطليق زوجته، وهو الآن يعاني، فهل وقع الطلاق أم لا؟

مع العلم أنه شاك في أن لفظ الطلاق جرى على لسانه أو في مخيلته. أفتونا مأجورين.

الجواب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله -عز وجل- تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به" رواه البخاري (٦٦٦٤) ، ومسلم (١٢٧) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وقال الترمذي بعد إخراج هذا الحديث برقم (١١٨٣) : والعمل على هذا عند أهل العلم، أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق لم يكن شيءٌُ حتى يتكلم به. انتهى، وانظر نيل الأوطار (٦/٢٩٠) .

أما حالة أخيك فهي نوع من الوسواس، والواجب عليه عدم الالتفات إليه وإشغال نفسه بأمور تبعده عنه حتى لا يتطور إلى أمور لا تحمد عقباها.

والوسوسة: هي حديث النفس والشيطان بما لا نفع فيه ولا خير. (القاموس/٧٤٨) .

والوسواس هو الشيطان، وقد أمرنا بالاستعاذة منه، قال تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ من شر الوسواس الخناس الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [الناس:١-٦] .

وسأذكر أهم وسائل علاج الوسوسة بأنواعها في الطلاق أو الطهارة أو الصلاة أو غيرها:

أولا: قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) [الأحزاب:٢١] ، فالحق في اتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- قولا وفعلا وأن ما خالفه إنما هو من تسويل إبليس ووسوسته: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر:٦] .

ثانيا: لنعلم أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما كان فيهم موسوس، فلو كانت الوسوسة فضيلة لما ادخرها الله عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، وهم خير الخلق وأفضلهم.

ثالثا: ليعلم الموسوس أن عمله هذا من الغلو في الدين، قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَق) [النساء:١٧١] .

وقال عليه الصلاة والسلام: "إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين"، رواه أحمد (١٨٥١) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-

رابعا: بعض الناس يبرر ما يقع به من الوسوسة بأنه احتياط للعبادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>