للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال لزوجته إنها حرام]

المجيب د. نايف بن أحمد الحمد

القاضي بمحكمة رماح

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة

التاريخ ١٧/٢/١٤٢٥هـ

السؤال

رجل قال لامرأته أنتِ حرام علي إلى يوم القيامة، وكان بحالة غضب، وبعد يومين تراضيا وحصل جماع بينهما، فما الحكم؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله، وبعد:

قال ابن القيم - رحمه الله تعالى-: (وهذه المسألة فيها عشرون مذهباً للناس) زاد المعاد (٥/٣٠٢) ، وذكر الأقوال فيها، ومما ذكره منها: الفرق بين أن يوقع التحريم منجزاً أو معلقاً تعليقاً مقصوداً، وبين أن يخرجه مخرج اليمين، فالأول: ظهار بكل حال، ولو نوى به الطلاق، والثاني: يمين يلزمه به كفارة يمين، فإذا قال: أنت علي حرام، أو إذا دخل رمضان، فأنت علي حرام فظهار، وإذا قال: إن سافرت أو إن أكلت هذا الطعام، أو كلمت فلاناً فامرأتي علي حرام، فيمين مكفَّرة، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية) زاد المعاد (٥/٣٠٦) ، وانظر: إعلام الموقعين (٣/٨٣-٩٣) ؛ وعلى ذلك فيلزم الأخ السائل كفارة ظهار، وهي المذكورة في قوله -تعالى-: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:٣-٤] .

ويحرم عليه جماع زوجته حتى يُكفِّر، وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى-: (الصواب أن تحريمها على حسب نيته فإن نوى به الظهار فهو ظهار، وإن نوى به اليمين فيمين، وإن نوى به الطلاق فطلاق، وإن لم ينو شيئاً فالظاهر أنه يمين) حاشية الشيخ على الروض المربع (٦٩٦) ، وما اختاره شيخنا - رحمه الله تعالى- هو مذهب الشافعي - رحمه الله تعالى- انظر: زاد المعاد (٥/٣٠٤) ، وهو قول قوي؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات" رواه البخاري (١) ، ومسلم (١٩٠٧) من حديث أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- ومما يدل على أن التحريم يكون يميناً مكفرة إن نواه ما رواه أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانت له جارية يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة - رضي الله عنهما- حتى حرمها، فأنزل الله - عز وجل-: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ" [التحريم: من الآية١] إلى آخر الآية، رواه النسائي (٣٩٥٩) ، والضياء (١٦٩٤) ، قال الحافظ: (النسائي بسند صحيح) الفتح (٩/٣٧٦) ، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>