للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعاً: أن بعض القضاة الذين يحكمون بصحة الخلع والحالة هذه، يرجعون فيحكمون للمختلعة بالحضانة إذا طالبت بها؛ لأنها حق متجدد، ويحكمون للزوج بعوض قدر مهر المثل، أو بقدر المهر الذي دفعه للزوجة، وفي ذلك نظر، لأن القول الصحيح أن الحضانة والنفقة تسقط بإسقاطهما، وليس للزوجة الرجوع في ذلك، كما قرره العلامة ابن القيم في زاد المعاد (٥/٥١٤-٥١٥) ، وذكر حقوقاً متجددة عند الفقهاء، قالوا بسقوطها وعدم الرجوع فيها إذا أُسقطت، وفرق بين إسقاط الحق قبل انعقاد سببه بالكلية، وبين إسقاطه بعد إنعقاد سببه - فرحمه الله رحمة واسعة-، ويا ليت طلبة العلم قبل أن يرجحوا أو يحكموا أن يراجعوا كلام شيخ الإسلام، وتلميذه ابن القيم، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي، وتلميذه الشيخ محمد بن عثيمين - رحمهم الله- وماذا قالوا في المسألة، وذلك لتحقيقهم المسائل وتحريرها، وعدم أخذهم بقول أحد، إلا إذا وافق الكتاب والسنة، وكذلك لأن في كلامهم عدل وإنصاف، وتسهيل لما صعب، وتقريب لما بعد، وحل لمشكل قد يرد، وليس ذلك مني تعصباً لاختياراتهم، أو إلزاماً بالرجوع إلى كلامهم، وإنما هو لكون المرء على دراية بما عندهم، وعند غيرهم، وإن ترجح له خلاف رأيهم، وليكون متحرراً، وعلى بصيرة وقناعة بما يرجح، وهذا خامساً.

سادساً: أن الشيخ الفقيه العلامة محمد بن عثيمين - رحمه الله- قد رجح عدم صحة الخلع إذا كان عوضه تنازلاً عن الحضانة، كما رجح أن المرأة إذا تنازلت عن حقها في الحضانة أو النفقة، فلا يمكنها الرجوع فيه بعد ذلك، وذلك حين سألته يوم الأربعاء ١٢/٣/١٤٢٠هـ.

سابعاً: أنه إذا كان الأب فاسداً، أو طرأ عليه ذلك أخيراً، فللقاضي حينئذ أن يجتهد ويحكم بما يراه الأصلح للمحضون، من الحكم بها لهذه المرأة، وإن تنازلت بما سبق أو لغيرها عمن هو أهل لذلك.

ثامناً: أنه لا يلزم المختلعة البقاء في بيت زوجها سابقاً، بل لها أن تذهب لمن شاءت من أقاربها وأهلها، كما أنه لا نفقة لها ولا سكنى، إلا أن تكون حاملاً، وهذا تاسعاً.

عاشراً: أن المختلعة تعتد بحيضة واحدة على الصحيح، لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- من أمره للمختلعة أن تتربص بحيضة، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام، وتلميذه العلامة ابن القيم، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي، وتلميذهما الشيخ محمد بن عثيمين - رحم الله الجميع- والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.

<<  <  ج: ص:  >  >>