للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الأحق بالحضانة]

المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم

عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة

التاريخ ٢٧/١١/١٤٢٤هـ

السؤال

أختي وزوجها حصل لهم حادث، وتوفيا، وتركا أبناء أحياء أكبرهم ١٣سنة، وأصغرهم سنة واحدة، من أحق بالحضانة؟ مع العلم أن الجدتين للأبناء أحياء أم الأم، وأم الأب لكنهما كبيرتان في السن، فهل للخالة حق في الحضانة مع وجود الأعمام والعمات؟.

الجواب

الحمد لله وحده، وبعد:

فإنه إذا كانت كلا الجدتين عاجزتين عن الحضانة لكبر سنهما، وبقيت الخالة والعمة، فإنه قد وقع خلاف بين أهل العلم في أيهما أحق بالحضانة من الأخرى، على قولين:

الأول: أن الخالة أولى بالحضانة من العمة للحديث الصحيح: "الخالة بمنزلة الأم" البخاري (٢٧٠٠) .

والقول الثاني: أن العمة أولى من الخالة بالحضانة، وهذا القول هو الأصح دليلاً، حيث إن أصول الشرع وقواعده شاهدة بتقديم أقارب الأب في الميراث، وولاية النكاح، وولاية الموت، وغير ذلك، ولم يعهد في الشرع تقديم قرابة الأم على قرابة الأب في حكم من الأحكام، هذا إذا كانت الجهة في درجة واحدة أو كانت جهة الأب أقرب من جهة الأم، فإن كانت جهة الأم أقرب من جهة الأب، فإنها تقدم على الأرجح، ومثاله: أم الأم، وأم أب الأب، فتقدم جهة الأم، - وهي هنا أم الأم - على أم أب الأب، وذلك لأن الأقرب أقوى شفقة وحنواً على المحضون من الأبعد.

وهذا القول الثاني هو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٣٤/١٢٢) ، وابن القيم في زاد المعاد (٥/٤٣٩) وأجاب عن حديث "الخالة بمنزلة الأم" بأن الخالة لم يكن لها مزاحم من أقارب الأب تساويها في درجتها، كما يدل عليه سياق الحديث (زاد المعاد ٥/٤٤١) ، وأما الخالة مع العم، فإنها تقدم عليه في الحضانة؛ لأن المرأة أعرف بتربية المحضون، وأقدر عليها، وأصبر وأفرغ لها، ولذلك قدمت الأم فيها على الأب في الحديث الذي رواه أحمد (٦٧٠٧) ، وأبو داود (٢٢٧٦) ، بلفظ: "أنت أحق به ما لم تنكحي"، وسنده حسن. هذا كله فيما إذا كان كل منهما أهلاً للحضانة فأما إذا كان أحدهما أهلا لها، والآخر ليس بأهل لها؛ لكونه معروفاًُ بالفساد والمجون أو بالتفريط والإهمال في القيام بمصالح المحضون ونحو ذلك، فإنه يسقط حقه في الحضانة، وينتقل الحق إلى الآخر ولو كان في جهة الأم؛ لأن المقصود من الحضانة هو القيام بمصالح المحضون ودفع المضار عنه، فلا تصلح عند من لا يقوم بهذا الواجب، وهذا القول رجحه جماعة من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٣٤/١٣٢) ، بل أشار إلى أن هذا القول محل اتفاق بين العلماء.

هذا بالنسبة للمحضون الصغير إذا كان ابناً ولم يميز، أو كانت بنتاً ولم تبلغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>