للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من أحق بالحضانة؟]

المجيب أ. د. صلاح بن محمود العادلي

أستاذ في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة

التاريخ ٢٣/٠٧/١٤٢٦هـ

السؤال

هل الطفلة في حالة وفاة والدتها تؤول -شرعاً- للأب؟ أم لأم الأم وخالاتها؟ أو للأصلح لها ماديًّا ودينيًّا وتربويًّا، سواء مع أبيها أو خالاتها أو أهل أبيها؟ علماً أن عمرها أربعة أعوام، أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد عبد الله ورسوله، وبعد:

فقد حرص الإسلام حرصاً بالغاً على الأطفال وحسن تربيتهم، وخص منهم من فقد أبويه أحدهما أو كليهما، فقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه سهل بن سعد -رضي الله عنه-: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا". وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً. أخرجه البخاري (٥٣٠٤) .

وبالرغم من أن اليتيم عند الفقهاء هو من مات أبوه، غير أن فقد الأم -وهي مصدر الحنان الأول لطفلها- له شأنه في النظر في شأن رعايته والاهتمام به، وفي هذه الحال ينظر في الأمر باعتبار تحقق المصلحة لهذه الطفلة غذاءً وكساءً ودواءً وحسن تربية وتأديب، وكلام الفقهاء يدور حول هذا المعنى.

وإليك -أخي الكريم- ما جاء في هذا عن أهل العلم، فهم فيمن هو أولى بالحضانة على قولين:

الأول: أن الخالة أولى بالحضانة من العمة للحديث الصحيح: "الخالة بمنزلة الأم". أخرجه البخاري (٢٧٠٠) .

والقول الثاني: أن العمة أولى من الخالة بالحضانة، وهذا القول هو الأصح دليلاً، حيث إن أصول الشرع وقواعده شاهدة بتقديم أقارب الأب في الميراث، وولاية النكاح، وولاية الموت، وغير ذلك، ولم يعهد في الشرع تقديم قرابة الأم على قرابة الأب في حكم من الأحكام، هذا إذا كانت الجهة في درجة واحدة، أو كانت جهة الأب أقرب من جهة الأم، فإن كانت جهة الأم أقرب من جهة الأب، فإنها تقدم على الأرجح، ومثاله: أم الأم، وأم أب الأب، فتقدم جهة الأم،- وهي هنا أم الأم- على أم أب الأب، وذلك لأن الأقرب أقوى شفقة وحنواً على المحضون من الأبعد.

وهذا القول الثاني هو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٣٤/١٢٢) ، وابن القيم في زاد المعاد (٥/٤٣٩) ، وأجاب عن حديث "الخالة بمنزلة الأم" بأن الخالة لم يكن لها مزاحم من أقارب الأب تساويها في درجتها، كما يدل عليه سياق الحديث [زاد المعاد (٥/٤٤١) ] .

وأما الخالة مع العم، فإنها تقدم عليه في الحضانة؛ لأن المرأة أعرف بتربية المحضون، وأقدر عليها، وأصبر وأفرغ لها، ولذلك قدمت الأم فيها على الأب في الحديث الذي رواه أحمد (٦٧٠٧) ، وأبو داود (٢٢٧٦) : "أنت أحق به ما لم تنكحي"، وسنده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>